الجمعة، 29 يوليو 2011

أنتم أحبائي إن فعلتم ما أوصيكم به"



أنجيل يوحنا15: 14

     - لقد صدق داود في مزموره القائل: "سِرَاجٌ لرجلي كلامُك ونور لسبيلي" (مز119: 105)، فكلامك يا ربي يضيء لنا في ظلمة هذا الدهر.

- كلامك بؤرة نور نسير على هداه، ونحن لا نستطيع أن نسير في ظلام هذا العالم دون أن يقودنا كلامك.

- فإن توقف نورك عن الهداية أمامنا، فكيف نسير؟ وإلى أين نسير؟ لأن نورك يقودنا إليك. فكيف نأتي إليك إن لم يمسك نورك بيدنا، فكلمتك حيَّة وفعَّالة ومضيئة، تسير أمامنا وإن توقَّفتْ توقَّفنا.

- وحبك هو القوة الوحيدة التي تدفعنا إليك، فكيف نأتي إليك إن لم يَدفعْنا حبك.

- فأنت قطب المحَّبين الذي يجذبنا نحوك، فكيف نأتي إليك إن لم يُهْدنا شعاعُ حبك. إن مصادر القوة في العالم كثيرة ومتعددة الفعَال والأفعال، ولكن قوة حبك هي سرُّ الوجود الوحيد الذي يجذبنا نحوك، فإن بَطَل جذبُك لنا، كيف نسير وكيف نأتي أليك؟ وجوهر حبك مذَّخر في كلمتك، وكلمتك خبَّأناها في أعمق أعماقنا لئلاَّ يزيَّفها العالم فننحرف عن قُطْبك الجاذب لمحبي كلمتك. فلستَ أنت، يا سيدي، وحدَك الذي تحب من يحفظ كلامك، لأننا نحن أيضاً إن لم نحفظْ كلامك، يستحيل علينا أن نأتي إليك وسط دروب العالم المظلمة، أيها النور الحقيقي الذي يضيء عالمنا المظلم. ونحن أحبَّاؤك بسبب كلامك الذي اذَّخرناه في داخل قلوبنا، فأنت وحدك تعلم أن كلامك الذي نفذ في إلى داخل قلوبنا هو ذخيرتنا في عالمنا المظلم.

- وذخيرتنا الوحيدة هذه هي مَطْمع الشيطان المتربَّص بنا ليخطفها من داخل قلوبنا، فنحن نستغيث بك أن تجعل كلامك مغروساً في لحمنا ودمنا، بعيداً عن أهواء العدو وخداعه فلا ينزعه منا.

- وكلامك حلو يا سيدى "أحلى من العسل وقطر الشهادة" (مز19: 10)، فنحن اخترناه ذخيرة فريدة دون كل أطياب العالم؛ فإن حفظنا كلامك فليس ذلك منَّة منا بل هو انجذاب كانجذاب الحديد للمغناطيس، فأية منَّة للحديد إن هو التصق بالمغناطيس. ومن ذا قادر أن يفصل كلاَمك عنَّا، فعلى قدر ما تحبنا، نحن نحبك، ويقوى حبك في قلوبنا، فنغلب به العالم. وبقدر ما تجذبنا يا سيدي ننجذب إليك، فالفضل في حبنا لك هو حبُّك لنا. وصَدَق نشيد الأنشاد حين قال: "أنا لحبيبي وحبيبي لي" (نش6: 3)! فنحن لك بقدر ما أنت لنا. وحبنا لك هو تحصيل حاصل، فأنت السابق ونحن اللاحقون.

- فأرجوك يا سيدي، أن تحبنا لأننا نحن نحبُّك، ولا نستطيع أن نحيا بعيداً عن حبك، لا لحظة واحدة ولا طرفة عين. فالموت والعدو يترصداننا إن لم يجذبنا حبُّك! ونحن يا سيدي نحبك حبَّين: حبّاً لأنك أحببتنا، وحبّاً لأنك أهلٌ لذاك!
_______________________________________________________________________________________________
         [عن كتاب: مع المسيح - الجزء الثاني، المؤلف: الأب متى المسكين، الطبعة الأولى:2006، صفحة: 183 - 185]

السبت، 23 يوليو 2011

لقاء السحاب

زيارة أبونا متى المسكين لأبونا عبد المسيح الحبشي قبل خروجة للتوُّحد -- من كتاب: السيرة التفصيلية لأبونا متى المسكين



- اشتياقه للتوحُّد وزيارته للأب عبد المسيح الحبشي:

* ظل الأب متى في دير السريان يجاهد في إرشاد الرهبان وأخذ اعترافتهم بالإضافة إلى مسئوليته عن حديقة الدير (حوالي 40 فداناً)، كما كان في تلك الفترة (عام 1951م) يكمل كتابه مواضيع كتاب "حياة الصلاة الأرثوذكسية" ويقرأ ويدرس في مكتبة الدير الغنية بالكتب والمخطوطات. ومع ذلك فقد أثمرت عشرته للرب اشتياقاً جارفاً إلى حياة التوحد.

* ولكنه قبل خروجه إلى الوحدة زار الأب عبد المسيح الحبشي المتوحد ليتعلم ويستلم منه حياة الوحدة وأصولها، وقد روى لنا ذلك بنفسه قائلاً: "مرةً كنتُ ذاهباً إلى دير البراموس بالليل قاصداً الأب عبد المسيح الحبشي، وكنتُ أحمل مقطفاً فيه بعض الحاجيات. ثم ضللتُ الطريق، وظللت سائراً في هذه البرية الشاسعة نحو ست ساعات في ظلام تام، وكنتُ أصعد على التلال العالية لكي أرى شيئاً ولكن بلا فائدة. وأخيراً سلَّمت الأمر للرب قائلاً: "يا رب تعلم أنت تعبي وضعفي، فقد تعبتُ كل هذه الساعات بدون فائدة، فتدخَّلْ أنت وانقذني"، وفجأةً، بينما كنتُ أصلي، رأيتُ نوراً ساطعاً جداً نزل من السماء فجأةً وأضاء دير البراموس كله كأنه في وضح النهار، فحددتُ اتجاه الدير واضعاً أمامي علامات ثابته على الطريق حتى وصلتُ إليه أخيراً شاكراً الرب الذي أنقذني وممجداً اسمه".

* ثم قصدتُ مغارة أبينا عبد المسيح الحبشي، فلما رآني قال في الحال بدون تفاهم: "راهب على ديرك"، أي: اذهب إلى ديرك، لأنه كان لا يعرف من اللغة العربية إلاَّ القليل. وأنا كنت مجهداً من مدة الست ساعات التي تُهتْ فيها. وأردتُ أن أفهَّمه شيئاً فلم يقبل. ثم دخلتُ مغارته وأخذت أشرب بالكوز من زلعة الماء، ولما ملأت الكوز مرةً أخرى لأنني كنتُ عطشاناً جداً. نظر إلىَّ بعدم استحسان وقال لي: "راهب مصري كسورة"، ومعناها "غير منضبط"، لأنه هو كان عنيفاً في نسكه، فكان يشرب بالكيل. وبعد أن شربتُ تمدَّدتُ من التعب على فراشه الخاص، فاندهش من جرأتي وظل يتمتم: "راهب. راهب؟ ماذا تفعل"؟ وبدأت أتفاهم معه وعرّفته أن معي حاجات له في هذا المقطف، وأنني جئتُ لأمكث معه وأخدمه بعض الوقت، فاستراح واطمأنَّ لي".

* ثم سألني: "ماذا عملك قبل الرهبنة"؟ فقلتُ له: "حمَّار (أي أقود حماراً)، وأعرف الطرق في الجبال والصحاري"! فهزَّ رأسه وقال لي: "تنفع"! وظللتُ أخدمه، وبعد فترة جاء بعض الرهبان من دير البراموس ممن يعرفونني، فقالوا للأب عبد المسيح: "خد بالك منه، فهو دكتور". فجاءني موبَّخاً قائلاً: "لماذا كذبت عليَّ؟ أما كنتَ طبيباً"؟ فقلتُ له: "أنا حقاً حمَّاراً"، وذلك إمعاناً في إلغاء ذاتي. ثم قال لي: "اعلم أن يسوع هو طبيباً وهو دواؤنا وهو شفاؤنا". وقد مكثتُ عنده فترة تعلَّمتُ فيها النسك على أصوله".

الجمعة، 22 يوليو 2011

الكوخ المحترق

الكوخ المحترق .


هبت عاصفة شديدة على سفينة فى عرض البحر فأغرقتها.. ونجا بعض الركاب..
منهم رجل أخذت الأمواج تتلاعب به حتى ألقت به على شاطئ جزيرة مجهولة و مهجورة.
ما كاد الرجل يفيق من إغمائه و يلتقط أنفاسه، حتى سقط على ركبتيه و طلب من الله المعونة والمساعدة و سأله أن ينقذه من هذا الوضع الأليم.

مرت عدة أيام كان الرجل يقتات خلالها من ثمار الشجر و ما يصطاده من أرانب،
و يشرب من جدول مياه قريب و ينام فى كوخ صغير بناه من أعواد الشجر ليحتمى
فيه من برد الليل و حر النهار.
و ذات يوم، أخذ الرجل يتجول حول كوخه قليلا ريثما ينضج طعامه الموضوع على
بعض أعواد الخشب المتقدة. و لكنه عندما عاد، فوجئ بأن النار التهمت كل ما حولها.
فأخذ يصرخ: "لماذا يا رب؟
حتى الكوخ احترق، لم يعد يتبقى لى شئ فى هذه الدنيا و أنا غريب فى هذا المكان،
والآن أيضاً يحترق الكوخ الذى أنام فيه... لماذا يا رب كل هذه المصائب تأتى علىّ؟!!"
و نام الرجل من الحزن و هو جوعان، و لكن فى الصباح كانت هناك مفاجأة فى انتظاره..
إذ وجد سفينة تقترب من الجزيرة و تنزل منها قارباً صغيراً لإنقاذه.
أما الرجل فعندما صعد على سطح السفينة أخذ يسألهم كيف وجدوا مكانه
فأجابوه: "لقد رأينا دخاناً، فعرفنا إن شخصاً ما يطلب الإنقاذ" !!!

إذا ساءت ظروفك فلا تخف..

فقط ثِق بأنَّ الله له حكمة في كل شيء يحدث لك وأحسن الظن به..

و عندما يحترق كوخك.. اعلم أن الله يسعى لانقاذك..

الاثنين، 18 يوليو 2011

قصه واقعيه

وقعت احداث تلك القصة منذ قرابة الخمس اعوام فى الولايات المتحدة الامريكية عندما دخل الزوج في مشاداة كلامية مع زوجته و فقد الزوج اعصابه ، و اخرج المسدس من درج مكتبه و قتل زوجته وام ابنته امام عينى الابنة ، ثم احس الاب بمدى جرمه و تسرب اليأس الى قلبه و سكنه ابليس فوجه المسدس إلى رأسه وقتل نفسه و صار له نصيب يهوذا .
وكل هذا أمام اعين الطفلة التى كان عمرها لا يتعدى الخمس سنوات انذاك.
ثم تم وضع الطفلة فى ملجأ للايتام لأنه لم يكن لها احد سوى ابيها و امها الذين ماتوا .
و كانت الام المسؤلة عن الدار مسيحية متدينة فأخذت الطفلة إلى الكنيسة يوم الأحد و لم تكن تلك الطفلة قد عرفت قبلا أى شىء عن المسيح أو الكنيسة .

و بعد القداس أخذت الام الطفلة إلى مدارس الاحد و اخبرت الخادم أن يكون صبوراّ معها لأنها لا تعرف شىء عن المسيحية ..

ففكر الخادم كيف يخبر الطفلة عن يسوع . فاخرج من جيب قميصه صورة للمسيح و سأل الأطفال من منكم يعرف هذا الرجل ؟؟!

ففوجىء الخادم أن الطفلة قد رفعت يدها لتجيب على سؤاله فتعجب و تركها تجيب على السؤال .
فوقفت الطفلة وقالت :
"هذا هو الرجل الذى ضمنى طوال الليل إلى حضنه فى اليوم الذى مات فيه ابى و امى "..
اخوتى فى الرب, هذا هو المسيح الاب الحنون الذى أن نسيت الام رضيعها هو لاينساه 

فأبى و امى قد تركانى اما الرب فقبلنى
قصه واقعيه

الأحد، 10 يوليو 2011

صنبور مفتوح




يروى لنا M.P.Green ان إحدى مستشفيات الأمراض العقلية كانت تجرى اختبارا غير عادى قبل السماح لمريض أن يخرج منها، وذلك للتأكد من تمام شفائه. كان الطبيب يأتى بالمريض إلى حجرة بها حوض مملوء ماءً، ويترك صنبور الماء مفتوحاً بدرجة صغيرة ويطلب من المريض أن يمسك بيد المنشفة لكى يُجفف أرضية الحجرة المبللة.
لاحظ الطبيب أن المريض يمسح الأرض دون أن يغلق الصنبور، وبالتالى تتساقط المياه من الحوض على أرضية الحجرة. وهكذا بقى المريض يعمل بلا جدوى، إذا لم تجف الارض. عندئذ طلب الطبيب من المستشفى عدم خروجه، لأن شفاءه لم يتحقق بعد.
كثيرا ما نفعل ما فعله هذا المريض، حيث نترك صنبور حواسنا مفتوحا، وتبقى أرضية قلبنا مبللة بمياة العثرات التى تتسلل من العين او الأذن أو اللسان أو الأنف أو اللمس.... وباطلاً نحاول أن نُجفف قلبنا من هذا الدنس! إننا محتاجون إلى مسيحنا طبيب النفوس الذى معه مفتاح داود يفتح ولا احد يغلق ويغلق ولا احد يفتح هو وحدة قادر أن يقدس حواسنا فلا تتسلل خلالها مياه الدنس.

ضع يارب حارساً لفمى وبابا حصيناً لكل ابواب قلبى !
لتكن انت حارسا لأعماقى، فلا تتسلل خطية ما ولا شبه خطية.
من يشفى افكارى؟! من يُقدس أعماقى!؟
من يُجفف آثار خطاياى ؟!
انت هو بري وسرّ قداستى؟!
قصص قصيرة لأبونا تادرس يعقوب ملطى – قصة رقم 197

الأحد، 3 يوليو 2011

تذكر دائماً: "لا تستخلص النتائج حتى تعرف كل الحقائق"



يحكى أن رجلاً عجوزاً كان جالساً مع ابن له يبلغ من العمر 25 سنة في القطار. وبدا الكثير من البهجة والفضول على وجه الشاب الذي كان يجلس بجانب النافذة.اخرج يديه من النافذة وشعر بمرور الهواء وصرخ "أبي انظر جميع الأشجار تسير ورائنا"!! فتبسم الرجل العجوز متماشياً مع فرحة ابنه.وكانيجلس بجانبهم زوجان ويستمعون إلى ما يدور من حديث بين الأب وا......بنه. وشعروا بقليل من الإحراج فكيف يتصرف شاب في عمر 25 سنة كالطفل!!فجأة صرخ الشاب مرة أخرى: "أبي، انظر إلى البركة وما فيها من حيوانات، أنظر..الغيوم تسير مع القطار". واستمر تعجب الزوجين من حديث الشاب مرة أخرى.ثم بدأ هطول الأمطار، وقطرات الماء تتساقط على يد الشاب، الذي امتلأ وجهه بالسعادة وصرخ مرة أخرى ، "أبي إنها تمطر ، والماء لمس يدي، انظر يا أبي".وفي هذه اللحظة لم يستطع الزوجان السكوت وسألوا الرجل العجوز" لماذا لا تقوم بزيارة الطبيب والحصول على علاج لابنك؟"هنا قال الرجل العجوز:" إننا قادمون من المستشفى حيث أن ابني قد أصبح بصيراً لأول مرة في حياته ".


الجمعة، 1 يوليو 2011

تذكار المحبة -- من كتاب: [مع المسيح في آلامه حتى الصليب] للأب متى المسكين



 
عظة يوم الأربعاء من البصخة المقدسة
                                                    تذكار المحبة

                                                                                    أمضى يسوع هذا اليوم في بيت عنيا 
                                                                                    في خلوة حيث تقبل من مريم هديتها.


"فَأَخَذَتْ مَرْيَمُ مَنًا مِنْ طِيبِ نَارِدِينٍ خَالِصٍ كَثِيرِ الثَّمَنِ، وَدَهَنَتْ قَدَمَيْ يَسُوعَ،
وَمَسَحَتْ قَدَمَيْهِ بِشَعْرِهَا" (يو12:3)
- هناك خدمات وأعمال نعملها باسم الله نحو الفقراء والمحتاجين. وهذه الأعمال ممدوحة ومشكورة لأنها صادرة من شعور بالرحمة و التضحية.
- وهناك أعمال نعملها مع الله مباشرة، وهذه لا تُرى ولا يسمع بها الناس، وهي أعظم من أن تُمدَح أو يُشكر عليها، لأنها صادرة عن حب داخلي من القلب نحو الله.
- الأعمال الأولى نُمدح عليها من الناس، وربما لا نُمدح عليها من الله، اذا كانت قد عُملت من أجل مديح الناس وشكرهم وتعظيمهم لنا. أما تقدمة قلوبنا لله بأعمال المحبة المباشرة نحوه فهذه تكون صادقة ليس فيها غش او رياء، يقبلها الله كما قبل الطيب المسكوب على جسدة من مريم، هذه إذا رآها الناس أو شعروا بها فإنهم يرذلونها او على الأقل يغتاظون " وكان قوم مغتاظين في أنفسهم فقالوا لماذا كان تلف الطيب هذا" (مر14:4).
محبة التمجيد:
- ما أقل الصادقين في حبهم نحو المسيح الذين يعملون ويخدمون، لا من أجل الناس ولا من أجل أنفسهم، وإنما بدافع الحب العميق للمسيح المتأجج في قلوبهم.
- حينما تقدم صدقتك للمسكين، أتشعر أنك تقدمها للمسيح بدافع الحب له؟
- حينما تصلي وتسبَّح مع المصلين، أتشعر أنك تخاطب الله بقلبك؟
- حينما تحب أهلك و أصدقاءك ومعارفك، هل تشعر أن دافع المحبة مصدره حبك للمسيح؟
- حينما تتقدم على المذبح للتناول من جسد الرب ودمه، هل تشعر أنك له وهو لك، يربطكما رباط المحبة الخالدة؟
- أن كانت أعمالك مصدرها حبك للمسيح، فثق أنك تمجد الله بمحبتك وأعمالك وقد صارت لك هذه كلها بخوراً زكياً أمام الله كل حين.
- أما إذا كانت أعمالك بدافع الواجب أو المجاملة للناس أو الفخر، فثق أنها كلها خسارة وقد صارت كالسقط الذي يولد ميتاً.


تمجيد المحبة:

- تقدمت المرأة الخاطئة بقارورة طيب كثير الثمن وسكبته على رجلي المسيح ومزجته بدموعها ومسحته بشعرها، فقال عنها المسيح انها أحبت كثيراً ولذلك غُفرت لها خطاياها الكثيرة.
- وتقدمت مريم أخت لعازر بقارورة طيب كثير الثمن أيضاً ودهنت به قدمي المسيح ومسحت قدميه بشعر رأسها. فقال عنها أنها كفنت بالطيب جسده. 
- وما أكثر الحب الأول فقد استطاع أن يكفَّر عن كل الذنوب والخطايا السالفة.
- وما أروع الحب الثاني، فقد استطاع أن يكفَّن جسد المسيح ذاته!
- الحب الأول عاد بالخير على صاحبته، والحب الثاني كان للمسيح بلا مقابل.
- ما أمجد الحب الخالص الذى بلا مقابل وبلا ثمن!
- جيد أن نحب المسيح لأنه افتدانا من اللعنة والخطية وسلطان الموت.
- وجيد أن نحب المسيح لأنه فتح لنا باب الفردوس الذي كان قد أُغلق في وجوهنا.
- جيد أن نحب المسيح الذي أهَّلنا أن نشترك معه في مجده الى الأبد.
  + ولكن أعظم من هذا كله ان نحب المسيح "لأنه هو أحبنا أولاً"(1يو4: 19)!
محبة غالية:
- من هي مريم التي قدمت قارورة طيب بثلاثمائة دينار؟ لم تكن ملكة ولا أميرة أو حتى ذات أموال، بل إمرأة فقيرة، ولكنها جمعت كل أموالها واشترت زجاجة طيب... إنه جنون المحبة الذي هزأ به يهوذا اللص الخائن، وقال عنه إنه إتلاف، أما المسيح فمدحه جدا... يهوذا قدَّره بالمال وثمَّنه كخبير في الأسعار بثلاثمائة دينار، أما المسيح فقدَّر المحبة التي فيه فوجدها تفوق الأرض وما عليها.
- إن كل خدمة نؤديها أو عطية نعطيها أو كلمة نقولها سوف يزنها المسيح بميزان الحب، وحينئذ تكون المكافأة والمجازاة، لا عن مقدار الخدمة أو عظم العطية أو قوة الكلمة، وإنما عن صدق المحبة التي دفعتنا إلى ذلك.
محبة ناضجة:
- لم يكن شعوراً طارئاً ذلك الذي دفع مريم لتقديم هديتها، ولكنه شعور بدأ عندما كانت تجلس عند قدميه، وعلمت منه سراً أنه سيموت بأيدي رؤساء الكهنة و اليهود، وأيقنت من كلام السيد أن هذا لابد أن يكون... حينئذ ابتدأ حبها ينفعل فيها لتقدم له شيئاً يليق بموته!!
- ومنذ تلك اللحظة وهي تجمع كل ما لديها حتى اشترت قارورة الطيب التي أذابت فيها كل مشاعر المحبة، وحفظتها عندها إلى أن يحين الوقت: "فقال يسوع اتركوها إنها ليوم تكفيني قد حفظته" (يو12:7).
- هذه هى المحبة التى محصها الزمن فقويت وهاجمتها شكوك النفس فثبتت وقامت ضدها حاجة المعيشة فغلبت!  
- كثيرا ما نتقدم بعمل من أعمال المحبة وإذ يُترك لنا الفرصة قليلا نتردد، وإذا طال الزمن نبرد، فإذا طولبنا بوعدنا نرفض!  
- يا ليت يكون حبنا ناضجاً عنيداً نحفظه في قلوبنا لوقته فلا تزيده الأيام إلا قوة وتأكيداً.
- قدمت مريم هديتها فى اللحظة المناسبة، إذ بعد أن دهنت رجليه بالطيب، قام وذهب الى ليصلب وترك بيت عنيا ولم يعد إليها.
- الفرص أمامك يا أخي، ولا تستشِرْني ماذا أقدم للمسيح لأن مريم لم تستشر أحداً إلا قلبها.
محبة صامتة: 
مريم حفظت الطيب عندها سراً، وقدمته صامته، ولم تتحدث عنه بعد ذلك لأحد.
 
              يا من تحب المسيح، تعلم من مريم...
 من كتاب: مع المسيح في آلامه حتى الصليب
المؤلف: الأب متى المسكين 
صفحة: 81 - 84  
الطبعة الثامنة: