الأحد، 31 أكتوبر 2010

اقرء وتامل هذه القصه جيده واعرف ما يدبر لك ابليس

دخلت الهيكل و أخذت أبكي و أبكي .... لم تكن دموع يأس بل كانت دموع فرح و توبة . فبعد سنتين كاملتين استطعت الانتصار على الخطية و التوبة و الاعتراف . سأحكي لكم قصتي لكي تستفيدوا .
أنا شاب ، كنت متدينا جدا ، لم أكن أعرف شيئا سوى الكنيسة و الاجتماعات و الصلوات و القداسات و الأصوام و الكتب المقدسة و التسبحة الجميلة . كنت متدين بمعنى الكلمة و كانت حياتي سعيدة و كنت فرحان و شبعان و ممتلئ بربنا و لم يكن يوجد شيئا ينغص علي حياتي .
لقد كنت أيضا متفوقا و استطعت دخول كلية الهندسة ، و من هنا ابتدأت المشكلة .
ملحوظة : لقد كنت لا أعرف شيئا عن عالم البنات . فلم أقف قط مع إي فتاة و حتى الكلام مع الفتيات كان قليلا جدا ، إي إنني كنت ، بلغة العصر ، قفل كبير .
لقد دخلت الكلية مع صديقي الذي كان شغوف بموضوع البنات و له خبرة كبيرة . لقد حاول إقناعي بأننا نقف شلة مع بعض ( أولاد و بنات ) و أن نذهب معا للسينما أو للمسرح أو ..... و إننا كلنا اخوة و لا داعي للتعقيد .
في أول الأمر ، رفضت بإصرار ، و لكن تحت ضغطه المستمر فترت عزيمتي و وجدت نفسي أتساهل و أتساهل . في البداية كنت لا أركز على الحديث مع فتاة معينة . و لكن شيئا فشيئا وجدت نفسي منشغل بفتاة متدينة من وجهة نظري . يا لحيل الشيطان الغريبة ، لقد انجذبت إليها لأنها قالت ذات مرة : إنني أصلي باكر و غروب و نوم ، و أقرأ 3 إصحاحات يوميا . و كنت أنا ، رغم تديني ، أصلي باكر و نوم فقط ، و أقرأ إصحاح واحد يوميا . و كانت هي تشجعني على المزيد من الصلاة ، فأحسست ، خطئا ، إنها صوت الله .
و من هنا انتقلت من خانة الزميلة إلى خانة الصديقة . و أصبحت أتحدث معها كل يوم في الكلية ، و ذات يوم تغيبت لأنها كانت مريضة ، فاتصلت بالتليفون للاطمئنان عليها ، و ازدادت العلاقة بشكل خطير .
لقد كنا نصلي معا صلاة نصف الليل يوميا في التليفون ثم نأخذ إصحاح للتأمل في التليفون ، و اشتعلت فاتورة التليفون ، و اشتعلت أعصاب بابا . و كنا نحضر الاجتماعات معا ، و نحضر القداسات معا ، و أحيانا التسبحة أيضا .
كم أنت بارع أيها الشيطان في وضع السكر على السم القاتل ، كم أنت بارع أيها الشيطان في تزييف و تزوير الأمور .
لقد كنت سعيدا بهذه العلاقة في البداية ، ثم بدأت أحس بفتور روحي رهيب . مللت الصلاة ، زهقت من القداس ، أهملت دراستي و الأكثر من ذلك الأفكار ، لقد كانت تهاجمني الأفكار بطريقة بشعة . كنت أفكر فيها و أنا مستيقظ و أنا نائم و أنا أأكل و أنا أشرب ، حتى و أنا أصلي ، حتى في القداس .

و ذات يوم كادت أن تحدث الطامة الكبرى . فقد ذهبت للاطمئنان عليها في البيت لأنها لم تحضر الكلية ذلك اليوم . فذهبت لأعطي لها كراسة المحاضرات . و كانت وحيدة في المنزل لسوء حظي و حظها . و أوشكنا أن نقع في الخطية ، ولكن قبل أن أقع تماما سمعت صوت ضعيف ( صوت ضميري المذبوح ) يقول : اهرب لحياتك و .....
فتركتها و ذهبت و أخذت أجري و أجري في الشوارع تائها ضالا ، إلى أن وجدت نفسي قدام باب الكنيسة .
و كانت التوبة ، صحيح كان الابتعاد عنها صعب للغاية . و لكني صممت على الابتعاد عنها بعد أن رأيت كم تطورت الأمور . و بالتأكيد كانت الأفكار تقتلني كل يوم ، ولكني استطعت الانتصار عليها بمعونة ربنا و بإرشاد أب اعترافي .
لا ألومها بل ألوم نفسي ، فقد كنت أقع في خطية عظيمة بسبب عبارة " إنها أختي "
مذكرات شاب تائب

يارب لا تسمح ان يخبو نور حبك فى قلوبنا بل زده اشتعالا واضراما

حديد القس

نشأته
في قرية سنجار بإقليم البرلس بمحافظة الغربية، عاش والد عوض ووالدته نصرة في حياة بسيطة مقدسة. كانا يعطفان على الفقراء ويمارسان عبادتهما بمخافة الرب، فكانا سبب بركة لكثيرين.
إذ لم يكن لهما ولد طلبا من الله بدموع في رجاء، فوهبهما هذا الابن "حديد" برؤيا ظهرت للأم، وكان ذلك في بداية القرن الرابع عشر.
وُلد حديد ونشأ بفكر إيماني إنجيلي حيّ، وكان يعمل مع والده في صيد الأسماك، فكان الرب يبارك عمل يديه كما كان موضوع تعزية الكثيرين من صيادي السمك الذين أحبوه.
بتوليته
أرادت والدته أن تزوجه قبل نياحتها أما هو فرفض معلنًا شوقه لحياة البتولية، وإذ رأت صدق نيته فرحت وشجعته.
اختفى فجأة بعيدًا عن أقربائه ومعارفه ليعمل مع بعض البنائين مختفيًا عن الأنظار، وكان يوزع أغلب أجرته على الفقراء، فتعلق الكثيرون به وأحبوه.
اضطر أن يهرب للمرة الثانية ليذهب إلى قرية تلبانة (تلبانة عدى التابعة للمنصورة بمحافظة الدقهلية، وهي غير تلبانة التابعة لإيتاي البارود بالبحيرة). اشتغل هناك في مزرعة، فبارك الرب العمل وأحبه أهل القرية وتعلقوا به. وإذ أراد الهروب من المجد الباطل قرر الذهاب إلى الإسقيط، لكنه رأى القديسة مريم تدعوه للذهاب إلى قرية مطوبس الدمان التابعة لمركز فوه بمحافظة الغربية (حاليًا ضمن أراضي عزبة عمرو)، فأطاع وصار يخدم أهل القرية بمحبة فائقة.
سيامته قسًا
أجمع شعب القرية على تزكيته قسًا، فصار يخدمهم بروح التواضع والبذل.
في أيامه مرت الكنيسة بضيقة شديدة في أيام ولاية الملك الصالح بن محمد بن قلاوون، حيث صادر أوقاف الكنيسة وأمر بهدم معظم الكنائس والأديرة، وضاعف الجزية على المسيحيين وألقى كثيرين منهم في السجون، بل وألقى بالبابا مرقس الرابع (البابا ال84) في السجن ولم يطلقه إلا بعد تدخل ملك النوبة.
اهتم ببناء كنيسة، ووُشي به لدى الوالي بالإسكندرية، فألقى القبض عليه، لكن ملاك الرب ظهر له وطمأنه، وبالفعل أُفرج عنه ليعود ويبني الكنيسة.
قام بعض الأشرار بمحاولة حرق الكنيسة، لكن الله بدد مشورتهم.
نياحته
أصيب بحمى شديدة، فجمع أولاده وباركهم وأعلن لهم أنه سينتقل في الأسبوع الأول من الصوم الكبير، ثم أوصى تلميذه يوحنا الربان بتعهد الشعب ورعايته. وفي 3 برمهات سنة 1113ش (1387م) أسلم الروح في يديّ الرب.
أمير نصر: القديس أنبا حديد القس، 1977.

السبت، 30 أكتوبر 2010

رؤ3*16 هكذا لانك فاتر و لست باردا و لا حارا انا مزمع ان اتقياك من فمي

الله ينتظرك ينتظر ان تفتح فمك وتنطق وتقول تعال ايا كانت ظروفك لن اكون اصعف من لعازر الذى قال الكتاب فيه قد انتن او تكون اصعب من ايوب الذى بعد ان كان اهل العالم ينتظرون منه اى كلمه او بركه اصبح الناس لا تريد مجرد الاقتراب منه او ان يكون حالك مثل العاجز الذى كان له 38 سنه مقعد هل الخطيه فى حياتك او المشاكل فى حياتك لها وقت اطول هل لها وقت اطول من انتظار العالم لخلاص الانسان كل ذلك لا يعبر ولو بشيء بسيط عن مدى حب الله لك وانتظاره لك ومحبته لك يقول لك تعال اشير عليك تعال فى حضنى استر عريك اعطيك الحله الاولى اعطيك الحياه لانك انت ميت وانت حى
لك اسم انك حى وانت ميت
تعال فاعطيك الكنز المصفى اغلى الاشياء تعال وتعتمتع بحبى قبل فوات الاوان

الجمعة، 29 أكتوبر 2010

ثق فى الله

خرج الأب ليشترى بعض الأشياء
وترك إبنه وحيدا فى المنزل,
وبعد فترة من خروجه حدث حريق فى المحل أسفل المنزل

منع السكان من الخروج,
واضطرب السكان وخاف الجميع
وابتدأوا يلقون بأنفسهم من الشرفات
أو يصنعون من الأغطية حبالا وينزلون,
والدخان الأسود يتصاعد و يحجب عنهم الرؤية

,ورجع الأب وشاهد إبنه...
حبيبه يقف على سور الشرفة
والدخان المتصاعد يحيط به
ولا يقوى على عمل أى شىء,والنيران تقترب منه
فنادى عليه...يا إبنى...يا حبيبى أتسمعنى؟
أنا والدك...إنى أراك ولكنك لا ترانى
لأن الدخان يعمى عينيك...فلا تخف... أنا هو...
ثق فى و إرمى بنفسك وستجد أحضانى فى إنتظارك..

.وسمع الإبن الصوت...
صوت أبيه الذى يحبه ولكنه خاف وتردد...
وابتدأ يفكر فى إحتمالات كثيرة وقال الإبن....
لا أستطيع يا أبى...لا أقدر أن أرمى بنفسى
من الأفضل أن أعمل مثل باقى السكان
فأصنع حبالا من الأغطية وأحاول الوصول إليك بها
ولكنها قد تحترق .أوأنتظر قليلا فقد تبتعد النيران عن الشرفة...
ولكن هذا غيرمؤكد...آه يا أبى... لست أدرى ماذا أفعل
...إنى خائف

وهنا صاح الأب بصوت كسير وحزين
ولكنه مفعم بالحب..
.إذا كنت تحبنى وتثق فى إرمى بنفسك..
.لا تفعل شيئا ولا تحاول أن تفعل...فقط ثق ولا تخف...
إنى أراك يا إبنى..
.سأمسك بك وآخذك فى أحضانى,
إنى فاتح ذراعى وأحضانى فى إنتظارك..
.هيا لا تضيع حياتك...
أرجوك بل أتوسل إليك ياإبنى
وأغمض الإبن عينيه وترك كل محاولاته العقيمة
ورمى بنفسه فى وسط الدخان
واثقا من أبيه,لأنه لم يكن هناك أى منقذ آخر.
.وفجأة وجد نفسه فى أحضان أبيه
الذى قال له بحب وعتاب :
يا إبنى...لماذا شككت؟
,ألا تعرف أنى أحبك وإنك جزء منى
,فنظر إليه الإبن والدموع فى عينيه
فرحا بأحضان أبيه ونادما على عدم ثقته فيه

أليست هذه هى قصة كل واحد منا
,نار الأبدية تقترب منا..
.ودخان العالم يعمى أعيننا ويخنقنا
,ونحن نحاول أننصنع حبالا واهية نتعلق بها,
والرب ينادى علينا فهل نسمع صوته ونثق فيه

اريد ان ارى الله


أريد أن أرى الله
س 176: يسأل الصغار: أين الله؟ وغالباً ما يضيفون: أريد ان أرى الله. ماذا نقول لهم؟
ج: هذا سؤال يأتي من ولد سمع كلاما عن الله منذ ولادته. تربى في عائلة مسيحية، ترسم امه علامة الصليب عليه وقت النوم وتقول له: "الله يحميك". تريه الأيقونات، تجعله يقبّلها. يعيش بحضور الله وتحت نظره. ان رغبته في رؤية الله شرعية. يقول الكتاب المقدس ان الإنسان لا يستطيع ان يرى الله ويعيش. وقد درسنا فعلاً بأي حرص ظهر الله لموسى وايليا كي لا يميتهما. عندما مرّ الله أمام موسى في نقرة الصخرة ظلله بيده. وعندما وقف ايليا أمام المغامرة، لم يأتِ الله في الريح الشديدة ليُكسّر ولا في الزلزلة ليهدم، ولا في النار ليحرق، لكن الله أتى في النسيم اللطيف وأنقذ ايليا.

س 178: لكن كيف نرى الله؟
ج: أعدّنا الله للالتقاء به عندما تجسّد ابن الله، وصار "ابن" الإنسان. لم يظهر في مجده لأن البشر لم يكن في استطاعتهم أن يتحمّلوه. صار شبيهاً بهم. اتخذ الصورة الإنسانية، وصورة العبد حتى النهاية. لم يكن هناك أي شيء يُظهر ألوهية يسوع. لقد ظهر كإله بنوع خاص حين معموديته وحين تجلّيه. كشفت معموديته في الأردن أن يسوع هو ابن الله، الأقنوم الثاني في الثالوث. رآه يوحنا المعمدان وشهد له. عند التجلّي رأى الرسل الثلاثة بطرس ويعقوب ويوحنا يسوعَ يُضيء في مجده الإلهي على جبل ثابور بحضور شاهدين كبيرين كانا قد رأيا المجد نفسه زمن العهد القديم هما موسى وإيليا، وأتيا يوم التجلّي يؤكدان ان الامر يتعلّق فعلا "بالنور" نفسه وبالله نفسه.

س 179: ماذا حدث على جبل ثابور؟
ج: اقرأ في الانجيل (متى 17: 1-9؛ مرقس 9: 2-9؛ لوقا 9: 28-36) ما يرويه لنا، واستعد لسماع التراتيل يوم عيد التجلي في 6 آب - اي بعد غد. أنصحك أيضا بتأمل أيقونة التجلّي وأنت تقرأ الانجيل. لقد أرسلنا اليكم أيقونة التجلي مع شرح بسيط (العدد 32 سنة 1995). يمكنك ان تراجع أيضا "كلمة الراعي العدد 31 سنة 2001، العدد 31 سنة 1996 والعدد 32 سنة 1993. اليك بعض الملاحظات للمساعدة: المسيح في وسط الأيقونة مشعّ بالنور. أشعّة النور تخرج من المسيح وتشكّل نجمة تدخل في دائرة. هذا يكشف لنا ان هذا النور غير النور الذي توّلده الشمس. هذا النور الذي ينبثق من المسيح ورآه التلاميذ هو مجد الله. القديس يوحنا الإنجيلي الذي كان حاضرا على الجبل يقول لنا: "وقد أبصرنا مجده، مجد وحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا" (يوحنا 1: 14).

س 180: النور يخرج من الشمس. وعندما ارسم انا، ارسم شمساً فوق لأُظهر انه النهار.
ج: نعم وكل الرسامين ينوّرون لوحاتهم بمصدر للنور. على العكس من ذلك فإن أيقونة التجلّي تبيّن ان المسيح كان يشعّ كالشمس، وليس أن الشمس أضاءته. وليس هناك ظلّ على الأيقونة، لا ظلّ الجبل ولا ظلّ الأشخاص كما لو كانوا يُضاؤون بمصباح او نار او كوكب. ان المسيح هو حقّا الذي يعطي النور، ونوره لا ظلّ له، لأنّه من طبيعة اخرى.
المسيح هو ابن الله، نور من نور، إله حق من إله حق، غير مخلوق، مولود من الآب، كما في دستور الإيمان. إنه يشعّ على جبل ثابور بنور غير مخلوق.


الخميس، 28 أكتوبر 2010

عينى راسى تنظران الى الاسفل وعيناي قلبى تنظران اليك

باسم الاب والابن والروح القدس اله واحد امين
يارب مش قادر ارفع نظرى اليك من ثقل خطيتى واثمى حين ارفعها ارى ذبنوبى واثامى مش قادر حتى اتكلم لسان اللى كان ما بيبطلش كلام دلوقتى اخرس مفيش غير عينى بتكلمك باللغه الوحيده اللى قادر اتكلمها دلوقتى وهى الدموع 
دموع بتقولك يارب انا ما استهلش انى ادعى لك ابنا وياما عملت من ذنوب ومن شرور لكن انت الاله الحنان انا طبعى الخطيه وانت طبعك العفران وزى ما عملت معجزات كثير ممكن تعمل معايا انت الفخارى اللى بيغير زى ما هو عاوز انت الجبار الذى لا يستطيع احد ان يخطف منك شيء انت اله العجائب والمعجزات 
مش لاقى كلام اقوله غير انى انظر اليك +++
يارب ارحمنى ولا تتركنى ونفسى

الأحد، 24 أكتوبر 2010

هناك طريق للجحيم يبدا من السماء

كان أحد المسيحين قد تعود منذ صغره أن يقف ليصلى قبل النوم ولكن هذا التعود لم يتم تنميته إلى أن أصبح مجرد عاده يومية متكررة كل مساء قبل أن يصعد على السرير يقف ليكرر نفس الكلمات و بسرعة معهودة يختتم الصلاة بأبانا الذى ....... أمين و ينام و ضميره مستريح أنه بيصلى كل يوم قبل النوم
إلى أن عاد يوما من عمله منهمكا و لم يستطيع أن يصلى الصلاه المعتاده و إستسلم للنوم و فى منتصف الليل سمع صوت فى الغرفه يناديه بإسمه و يطلب منه أن يقوم بيصلى صلوته المعتاده و إنتفض الرجل من مكانه ليبحث عن مصدر الصوت فلم يجد أحد وكان الظلام دامس و إرتعد من الرعب فالله يطالبه بالصلاه اليوميه هل وصل لدرجة قداسه ليحدثه الله أو أحد الملائكة و من كثرة الرعب و تكرار الصوت فى الغرفه بوضوح قال من ينادينى فتكرر الصوت مطالبه بالصلاه و عندما قال بإسم الصليب ظهر مصدر الصوت بشكل دميم مرعب !!!
نعم إنه الشيطان بذاته
و هل الشيطان يطلب منه الصلاه ؟؟؟؟؟؟؟
نعم بالتأكيد و عندما سأل الرجل الشيطان هل أنت الذى تدعونى للصلاه
فرد الشيطان أيوه علشان تقوم تقول تلك الكلمات التى ترددها كل ليلة معتقدا أنك تصلى لأننى أخاف أن تنام بدون صلاه و فى الصباح ضميرك يؤنبك و يوبخك فتمسك بالأجبيه و تصلى صلاه روحانية و أحترق أنا و جنودى فانا نشيط و أخاف على نفسى من الصلاه الربانيه و دائما أجول بلا ملل ملتمسا من أبتلعه و أنا قد إبتلعتك و أخشى اليوم أن أتقيئك و تهرب منى

السبت، 23 أكتوبر 2010

انى لرافع عينى الى السماء ويداى مفتوحة اليك يارب العلا اسمع صلاتى واستجب دعاى

ابداء باسم الله واقول
فى كثير ان لم يكن فى اغلب الاحيان ينجح الشيطان فى ان يجعلنا نفقد ثقتنا فى الله.
كتير وانا باصلى باكون باكرر كلامى وانا شبه واثق ان ربنا مش هيستجيب او انى بادى واجبى وخلاص يا سلام على داود النبى اللى كان بيبتدى المزمور بالصلاه والطلبه وفى النهايخ على الشكر لان الله استنجاب له لصلاته فين الايمان ده من حياتنا فين ثقتنا فى الله انه اب حنين وعارف طلباتنا قبل حتى ما احنا نطلبها دانيال النبى لما ظهر له الملاك وحياه قاله  من ساعه صلاتك واستجيب طلبك لكن الشيطان وقف يحاربنى بقى نستكر الحرب على دانيال واحنا لا المشكله مش كده المشكله انه الشيطان بيحارب مش دانيال ولا ان الاصل فى الموضوع انه بيحارب الله الساكن فيك الروح الحاله فيك السيد المسيح المتسيد على حياتك فكل ما زادت حربك اعرف انك ماشى صح وكل ما زاد تعبك فى الحياه اعرف ان روح الله جواك بيزيد وبيايدك وان الله بيحملك على الايدى وبتدلل وهو مش سايبك لوحدك ابدا
الله لا يتركك ابداااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا دائما بجوارك منتظر لطلبك له هو اب حنون فوق الوصف ومها قيل فى حنيه الله وحبه فهتكون عظه فاشله لانها لن تصف ولو جزء صغيييييييييييييييييييييير جدا من حب الله وحنانه اللى ملوش حدود لا يستطيع العقل البشرى بكل ما اكتسب من خبره ان يحد حب الله الغير محدود
فالله يحبك ولا يتركك دائما يقول لك امن فقط 
من اجمل التعابير فى المسيحيه صوره السيد المسيح البنتكراطور اى الضابط الكل فاسال نفسك هل ضابط الكل لا يستطيع ان ضبط حياتك

الجمعة، 22 أكتوبر 2010

ورفع نظره نحو السماء وأنَّ وقال له إفثا. أي انفتح. وللوقت انفتحت أذناه وانحل رباط لسانه وتكلم مستقيمًا» (مر 7: 34،35)


لا أعرف أن هناك مثيلاً لهذه القصة في الكتاب المقدس كله، ويكفي أن تعرفوا الفارق بينها وبين غيرها من قصص الشفاء، فقد كانت عادة المسيح أن يشفي الإنسان في الغالب وسط الجماهير أو على مقربة منها، ولكن المسيح وجد هذا الإنسان بين الجماهير، فأخذه بعيدًا عنها وهناك صنع المعجزة، وكان الرجل بطبيعته أصم أعقد، أي لا يسمع ولا يتكلم ولم يستعمل المسيح معه سوى كلمة صغيرة أخيرة، ولكن الجزء الغالب والأكبر كان بغير كلام، إذ كان بالحركة واللمس، إذ رفع السيد نظره نحو السماء، وما من شك في أن الرجل الآخر رفع نظره أيضًا، ولمس المسيح الرجل في أذنيه وفي لسانه، إذ كان يريد أن يرفع قلبه وإيمانه نحو السماء، قبل أن يتكلم كلمة واحدة، وقد فعل، وبعد ذلك جاء الكلام... قصة غريبة نادرة، ولكن السيد يستطيع أن يتعامل مع كل واحد منا، حتى ولو من غير كلام، ويستطيع أن يوجه أفكارنا في صمت، من الواضح أن هذه القصة تكشف لنا العناصر الضرورية للشفاء الروحي والجسدي ولذا يحسن أن نراها فيما يلي:
الشفاء والعزلة
تقول القصة الكتابية: «وجاءوا إليه بأصم أعقد وطلبوا إليه أن يضع يده عليه فأخذه من بين الجمع على ناحية» (مر 7: 32 و33).. وهو عين ما فعله مع الأعمى الذي أخرجه إلى خارج القرية، كما جاء في الأصحاح الثامن في مرقس، ولعل السؤال الآن هو لماذا فعل المسيح هكذا!!؟ نحن لا ندرك تمامًا ما المقصود من ذلك، ولكننا نلاحظ أن العزلة في حد ذاتها مرات كثيرة ما تكون الخطوة الصحيحة نحو الشفاء، وفي كثير من الأمراض يبدأون أولا بعزل المريض خشية العدوى أو ضعف المقاومة، ومهما يكن من الأمر فليس أجمل من أن يقال عن المسيح إنه «أخذه من بين الجمع على ناحية» وقد تبدو هذه الكلمة سريعة وبسيطة، لكنها في الواقع عميقة وخصبة!! والمسيح يفعلها بأساليب مختلفة في الحياة، فقد يفعل هذا معنا عن طريق «الذكريات الحلوة»... عندما بدأ روبرت موفات حياته كشاب بدأها بحارًا، ونحن نعلم أن حياة البحار يمكن أن توصف بأي شيء خلا أنها متدينة، ولكن روبرت موفات، وهو يركب المركب لأول مرة، انتحت به أمه ناحية قبل أن يصعد إلى ظهر المركب وقالت له: «الآن يا روبرت دعنا نقف وحدنا بضع دقائق، فإني أريد أن أطلب منك معروفًا، قبل أن نفترق!!؟... ما هو يا أمي!!؟ أريد أن تعدني أولا بأنك ستفعل ما سأطلبه منك!!؟ لا أقدر أن أعد يا أمي قبل أن أعرف طلبك!!... وهل تفتكر يا روبرت أنني أطلب أمرًا في غير محله، وليس فيه خير!! ألست أحبك!!؟... إني أعرف ذلك يا أمي، ولكني لا أحب أن أعد إلا وأنا قادر على إنجاز الوعد.. ويقول روبرت موفات: «وخفضت عيني إلى الأرض وأنا صامت محاولاً أن أقاوم عواطفي الثائرة، ثم رفعت عيني فرأيت الدموع تنحدر على خديها فخنقتني العبرات ولما صرت قادرًا على الكلام قلت لها: أطلبي ما تشاءين يا أمي فإني سأجتهد أن أفعل كما تطلبين!! فقالت: إقرأ يا ابني الكتاب المقدس بانتظام كل يوم!! فقاطعتها قائلاً: ولكنك تعلمين يا أمي أني أقرأ في كتابي كل يوم!! ولكنك لا تقرأ بانتظام كما يجب أو كواجب عليك أنت مدين به لله ولنفسك.. فوعدها!! وإذ ذاك أجابت: الآن أعود إلى البيت بقلب مسرور، اقرأ كثيرًا في الإنجيل، الإنجيل المبارك فلا تضل الطريق، وان كنت تصلي فالله معك!! وقال موفات: لقد فارقت أمي إلى مركز عملي ثم إلى أماكن قريبة وبعيدة، حيث لم أجد هناك كنيسة أو مدرسة أحد قريبة مني، أو إنسانًا يهمه أمر الدين ولكنني لم أنس وعدي لأمي!!
وقد يأخذنا المسيح على ناحية عندما يعزلنا المرض أو الضيق أو الحاجة، وهو يرغب في أن يختلي بنا لأنه يريد أن يرفع عنا عاهة أو ينتزع من حياتنا مرضًا، أو يسيطر على علة تمكنت منا، وهو يفعل هذا في عمق الهدوء والسكون والتأمل، عندما لا يكون هناك من الجمع من يعطل شركتنا معه أو تأملنا فيه، وقد نأتي إلى منعطف الحياة مع المسيح عندما يصيبنا الزهد أو يأخذنا الملل، عندما تبدو الحياة وكأنما هي سراب لا معنى له، أو فقاعة من الهواء كما ألف أحد الفلاسفة أن يطلق عليها، ومهما يكن الدافع إلى العزلة، فإنها ضرورية لحياتنا ولشفائنا من أمراض كثيرة، ومن العجيب أنها الشيء الذي فعله الله في حياة أبطاله العظام، عندما أراد أن يحررهم من كثير من الأمراض أو الأدواء، التي كانوا لا يدركون أنهم في حاجة إلى التحرر منها، ونحن لا نستطيع أن نفسر حاجتهم إليها قبل أن نعلم أن موسى عاش أربعين سنة في البرية، وكان من المقصود أن هذه الأربعين عاماً دفنت رجولته العظيمة في رمال الصحراء وإن كان الواقع أنها دفنت هناك كبرياءه، وغروره، وإحساسه الذاتي بنفسه، وأخرجت من أعماقه مصر بكل ما ترسب منها فيه، وكانت تلك أمراضه التي كان ينبغي أن يتخلص منها قبل أن يعرف طريقه إلى الحياة الصحيحة وخدمة الله، وكان لابد لداود أن يعيش سنوات طويلة في البرية، وهو صبي يافع أو طريد من شاول، وأدخله الله إلى المنعطف في الشركة معه ليصلح أن يكون الرجل الذي كان يرى نفسه أنه لا يزيد عن برغوث أو كلب ميت أو لا شيء على الإطلاق كدودة حقيرة، وهكذا أبطال الله ينتزعون من بين الناس، ويأخذهم إلى المنعطف قبل أن يحل عقدة لسانهم أو يفك أسر آذانهم أو يهيئهم أو يهييء لهم الحياة الصحيحة السليمة المنتصرة على الضعف والمرض!!
الشفاء والنظرة
على أن المسيح لم يقصد أن يوجد في حالة عزلة فحسب. بل قصد أن يحوله من العزلة عن الناس، إلى النظر إلى السماء، ولأجل ذلك رفع المسيح عينيه ونظر إلى السماء، ولا شبهة في أن الرجل فعل الشيء ذاته، فرفع نظره هو أيضًا إلى فوق، وقد قصد السيد المسيح أن يربط نظر الرجل بالسماء، كان الرجل بطبيعته معزولاً عن الناس، وكان لا يستطيع أن يتفاهم معهم أو يتفاهموا معه، فإذا تكلموا إليه لا يسمع وإذا حاول أن يتكلم إليهم عجز، لكن الأصم الأعقد مع ذلك يستطيع أن يتكلم إلى الله، وينصت إلى صوت السماء، فكثير ما يصعب علينا التفاهم مع البشر،... وقفت إمرأة أرادت أن تعبر الشارع المزدحم بالمرور، وفي حيرتها تقدم إليها شاب، وقال: هل أعبر معك يا سيدتي، فقالت له: نعم.. ووضعت ذراعها في ذراعه، وفي عبورهما تعرضا للخطر، ولكنهما وصلا سالمين إلى الجانب الآخر، وقالت السيدة للشاب: يا بني إنك لا تستحق أي شكر لأنك كنت كالأعمى في عبورك، وكادت حياتي تضيع معك. وقال الشاب: نعم يا سيدني إنني أعمى ولأجل ذلك طلبت أن أعبر معك!!... عندما تخيب نظرتنا في الناس، سنجد هناك النظرة الصائبة التي لا يمكن أن يخيب منتظروها، وهل يمكن أن ننسى أن الواعظ الشهير اسبرجن جاء إلى المسيح نتيجة عظة لواعظ بسيط كان يتحدث عن آية إشعياء القائلة: «التفتوا إلي وأخلصوا...» (إش 45: 22) وقد حدث هذا في يوم بارد ملأت كرات الثلج فيه أزقة وطرقات مدينة كلوشستر في انجلترا، وكان هناك شاب يعدو وسط الشوارع المقفرة ليحتمي من لفحات الريح، وليختبيء من الثلج المتساقط، وحدث أن ساقت العناية ذلك الفتى إلى كنيسة في تلك الناحية فدخلها وجلس على مقعد في إحدى الزوايا مصغيًا إلى العظة، وبعد نهاية الخدمة جاء الواعظ ليصافح الفتى وقال له: يظهر أنك شقي يا بني!! وستبقى شقيًا إلا إذا نظرت إلى الله وتطلعت إليه، وقد فتحت هذه الكلمات عالمًا جديدًا إذ انتقل الفتى لساعته من الظلمة إلى النور، ومن الموت إلى الحياة، ومن السبات الروحي إلى الأشراق السماوي!! ومن يزور تلك الكنيسة المنعزلة في كلوشستر يجد لوحة معلقة هناك تشير إلى تجديد اسبرجن وفيها يوضح كيف تغيرت الدنيا في نظره، ولطالما هتف اسبرجن قائلاً: إني أتطلع إلى طبيبي ليشفيني، كما أتطلع إلى المحامي لينصحني، وإلى البقال ليزودني بحاجاتي، ولكني أتطلع إلى إلهي دائمًا في سمائه، فهو يرنو إلى ويعطيني القوة، ويدخل في شركة معي، ولا يتركني وحيدًا في هذه الدنيا أبدًا!!
«أرفع عيني إلى الجبال من حيث يأتي عوني، معونتي من عند الرب صانع المسوات والأرض» (مز 121: 1 و2) قد تتعطل بعض حواس الإنسان، فلا يستطيع أن يسمع أو يتكلم، ولكن روحه تستطيع أن تجد طريقها إلى عرش الله في السماء، وهي لا تحتاج إلى أكثر من نظرة متطلعة إلى الأعالي في صبر وانتظار!! 
الشفاء والأنة
على أن السيد المسيح لم ينظر فقط بل أنّ أيضًا، وهل يمكن أن يرى هذا المنظر المؤلم دون أن يمتليء بالأنين، لقد رأى الرجل صورة للنقص الإنساني المروع، والعجز الجسدي الذي جلبته الخطية، هذا الرجل قد فقد حاستين أساسيتين في الإنسان: حاسة السمع، وحاسة النطق، ومن ذا الذي يدرك مدى ما كان يعانيه، وهو أصم، أعقد، يتكلم الناس فلا يسمع، يحاول أن يكلمهم فيعجز عن الكلام، هل تدرك مقدار ما كان يعاني بيتهوفن عندما فقد السمع كله في سنيه الأخيرة من الحياة، وهو الرجل الذي تعود أن يتنبه لزقزقة العصفور، ولخفيف النسيم، ولتدفق الجداول، لقد قال هو عن نفسه: إنه انتفع بالصمم حتى لا يسمع لغو الحديث بين الناس، ولكنه مع ذلك أغلق على نفسه سجنًا كبيرًا، وهو لا يسمع، ولا يستجيب لكلام الناس أو حديثهم أو منطقهم، ومع أن أديسون المخترع العظيم، انتفع إلى حد ما، بثقل سمعه، إلا أنه قال في أخريات حياته: إنه لم يسمع شدو عصفور بعد الثانية عشر من عمره، وما يقال عن السمع، يقال أيضًا عن الكلام، عندما يعجز المرء عن التعبير عما في داخله أو عما يعانيه، فإذا كان فقد السمع والقدرة على الكلام كارثة لأي إنسان، فإن الأمر أقسى وأشنع وأشد في المجال الروحي للحياة البشرية، قال السيد المسيح: «من له أذنان للسمع فليسمع» (مت 11: 15) وليس لكل إنسان أذن ليسمع، ولكن أقسى مآسي الإنسان أنه عاش طوال التاريخ لا يستطيع أن يسمع نداء الله والحياة والمصير والأبدية، وقد أصم أذنيه عن الحق والخير والحب والإحسان والخلاص، وها الوعاظ والمبشرين والرعاة وخدام الله يصرخون ليلاً ونهارًا، ولكن هل سمع الناس واستجابوا لمجد الله وخير نفوسهم، أن النتائج المحسوسة الملموسة تبين لماذا ضاع الإنسان رغم كل تنبيه وزجر!! لأنه أصم عن كلمة الحياة الأبدية التي أرسلها الله إليه! ومن المؤسف أنه إذا كان جهاز الاستقبال عند الرجل عاطلاً، فإن جهاز الإرسال بالمثل، لا يستطيع أن يرد على كل نداء، أو يجيب على كل حديث، لم يكن الرجل أصم فحسب بل كان أعقد أي أخرس لا يستطيع الكلام. ولعله مما تجدر ملاحظته أن مخترع الراديو ومحطات الإذاعة في كل مكان جاء اختراعه وليد اكتشاف أن في رأس الإنسان محطتي استقبال وارسال، فنحن نستقبل بأذاننا الحديث كما تستقبل محطات الإذاعة ما يأتيها من أطراف الأرض، ثم تعود لترسلها إلى كل مكان، كما نرسل بألسنتنا الكلام إلى الآخرين، لكن الأصم الأعقد تعطلت فيه محطتا الاستقبال والإرسال، ومن المؤسف جدًا أن تتعطل هاتان المحطتان روحيًا في حياة أي إنسان على الأرض! وهل يمكن أن يرى المسيح مثل هذا العطل في الحياة دون أن يئن ويرفع نظره إلى السماء!!. 
الشفاء واللمسة 
على أن الحلقة الأخيرة في الشفاء كانت اللمسة: «ووضع أصابعه في أذنيه وتفل ولمس لسانه» (مر 7: 33) وكم تتحدث هذه اللمسة عن معان عديدة، فهي أولاً اللمسة الرقيقة التي وصلت إلى الأذنين، وإلى اللسان، وهي تكشف عن رقة المسيح البالغة، لقد أراد أن يتخاطب مع الرجل عن طريق حاسة اللمس التي لم تتعطل بعد، لكي يؤكد له إحساسه العميق بتعاسته وحاجته ونقصه، وما من شك في أن هذه اللمسة هزته من الأعماق، إذ هي أشبه بالتيار الكهربائي الذي يدخل الجسم ويسرى في أعماقه.. قيل عن شاب إنه كان في أقسى لحظات حياته، إذ كان فاشلاً وخائرًا يوشك أن ينهار، وفي تلك اللحظة التعسة، التقى بالواعظ المشهور هنري دراموند، ولم يفعل دراموند أكثر من أنه مد يده ومس بها كتف الشاب، ونظر إليه بعينين تفيضان عطفًا وحنانًا، وغيرت اللمسة الشاب، وقال فيما بعد إنه نسى في الحياة أشياء كثيرة، ولكنه لم ينس لمسة السيد هذه، وظل وقعها على كتفه ونفسه بعيد الأثر، والمسيح في كل وقت يريد أن يؤكد لنا لمسته الرقيقة الممتلئة بالحنان والحب والعطف.
على أن اللمسة كانت أكثر من ذلك، إذ كانت اللمسة القادرة المعجزية العجيبة، فهذا الرجل لو أننا قدمناه لأطباء العالم لربما أجروا أبحاثًا عديدة عليه، ليعلنوا في نهايتها فشلهم ويأسهم، وأنه في أفضل الحالات، يمكن أن يكون نموذجًا يهتدون به، لمكافحة علة قد وجدوا بارقة أمل، فإنهم قد يخضعونه لعمليات جراحية متعددة، ربما تعطي نتائج محددة، وإذا أعطت فبعد زمن يطول أو يقصر، لكن لمسة المسيح شيء يختلف تمامًا عن هذا كله، إنها تنجز كل شيء بسرعة البرق. إنها لا تعرف التغيير المجزأ أو التغيير التدريجي، إذ هو يغير وينقذ ويخلص إلى التمام، إن القصة تعلن لنا أنه: للوقت انفتحت أذناه وانحل رباط لسانه وتكلم مستقيمًا» (مر 7: 35) كانت اللمسة مزدوجة التأثير، إذ أعطته السمع، والنطق حقًا، وهي إلى اليوم تفعل هذا، إذ أنها تفتح الأذن، في لمح البصر، يدرك الإنسان ما كان لا يستطيع إدراكه أو الوصول إليه، وعندنا ملايين الأمثلة في كل جيل وعصر، لأولئك الذين وصل المسيح إلى سمعهم، فتغير كل شي ء في حياتهم!!
كان هناك شاب أمريكي في أواخر القرن الماضي، وقد كتب قصته مثلاً لما يمكن أن يفعله المسيح في حياة كل واحد منا، كانت أمه تقية، وكانت تصلي على الدوام من أجله، ولكنه كان أصم عن كل نصائحها ومواعظها، وقد أمعن في الضلال والشر، حتى أصبح ملحدًا يفاخر بإلحاده، وقد نزع إلى كل موبقة وشر، وكان لا يفيق من سكره وعربدته، تزوج وأنجب طفلاً جميلاً، سر به، وكان الطفل البريء هو زهرة البيت وجماله، وكان في الثالثة من عمره عندما أصيبت أمه بمرض قاسي، أخذ يتهدد حياتها، استولى الضيق على الزوج، وضاق بحاله، ومرض زوجته وقرر أن ينتحر تخلصًا مما هو فيه، كان يعمل مهندسًا، وكان مركز عمله على شاطيء الباسيفيكي في الولايات المتحدة، ورأى أن يلقي بنفسه في مياه المحيط، وبينما هو يهم بفعل ذلك تذكر ابنه، الذي إذا انتحر سيتركه يتيمًا يعاني ما يعانيه كل يتيم صغير، فقرر أن يحمله معه، ليغرق معه حتى يموت كلاهما معًا، وهو هنا يتحدث بعمق الاختبار، لقد ذهب إلى مكان بعيد في الميناء وهم بأن يقذف بنفسه وقد أمسك بكلتا يديه بابنه، ولكن قدميه تسمرتا، غادر المكان مرة ومرات، وفي كل نقطة يذهب إليها لا يجسر على فعل ما كان مقدمًا عليه. أخيرًا عدل عن الفكرة، وأخذ ابنه إلى البيت، ودخل إلى مكتبه ليصرخ لله ليقول له: يقولون إنك موجود، وإنك قادر على كل شيء، فإذا أنقذتني وشفيت زوجتي، أعود إليك وأكرس حياتي لك، وآتاه الله بما سأل وإذا بالأصم عن كل نداء من الله، يتحول إلى الإنسان الذي يسمع صوت الله، وصار الأعقد يتكلم عن فضل الله فيما حدث معه، وقد قال: «إني الآن أجد لذة عظيمة في مقابلة كل من أعرفهم من الملحدين لأخبرهم أنه يوجد إله، ولأحدثهم عما فعل هذا الإله لنفسي، وبعد ذلك اهتدت زوجتي إلى الله، فأصبحنا كلانا عاملين نشطين في جيش الخلاص، وما أعظم التغيير الذي حدث في بيتنا!! حقًا إن لنا أبًا رحيمًا محبًا يأتي علينا بصبر إلى هذا الحد العظيم.
والآن أيها القاريء عليك أن تعلم أن الكلمة الأولى التي استمعها ذلك الأصم القديم كانت كلمة المسيح، وصوته الرقيق، وكان إنسان يفتح المسيح أذنه لابد أن يسمع صوته، قبل أن يسمع نداء العالم أو الجسد، وما أحلاه من صوت، لا يملك المرء معه إلا أن يقول: «تكلم لأن عبدك سامع»، (ا2م 2: 10) وسيستمع الإنسان بالأذن المفتوحة إلى صوت الحق، والهداية، والإرشاد، بل دائمًا يقول: «يارب ماذا تريد أن أفعل» (أع 9: 6(0
على أن المسيح أيضًا حل عقدة لسانه، فلم يعد الرجل أخرس، بل تكلم مستقيمًا، ولست أعلم ما هي كلماته الأولى التي نطق بها، لكني أعتقد أنها لابد كلمات الشكر لمخلصه وشافيه، إذ لا يمكن تصور أن اللسان الذي أطلق من عقاله، ينسى أن يشكر فضل من أحسن إليه، ولو أن الكثيرين للأسف العميق، يأخذون عطايا الله، ولكنهم مع ذلك جاحدون لا يشكرون، ثم إنه لا يمكن أن يتكلم إلا إذا شهد بما فعل الرب معه ورحمه، وحياتنا ينبغي لها أن تنطلق إنجيلاً شاهدًا لرحمة الله الواسعة، ومحبته الكاملة المباركة الكريمة!! لقد نظر المسيح إلى الرجل في مأساته وأنَّ، ولكن القصة لم تختتم بالأنين بل إن الحاضرين جميعًا وقد أوصاهم السيد أن لا يقولوا لأحد، لئلا يضحى الأمر أنفعال تتحول معه المعجزة إلى مجرد إحساس عاطفي، إن لم يدعم بالإيمان سيضحى إعجابًا حسيًا لا يصل إلى الأعماق،...
«ولكن على قدر ما أوصاهم كانوا ينادون أكثر كثيرًا، وبهتوا إلى الغاية قائلين إنه عمل كل شيء حسنًا. جعل الصم يسمعون والخرس يتكلمون» (مر 7: 36 و37) ونحن نأمل أن هذا الذهول أمام عظمة المسيح وقدرته، والقول إنه عمل كل شيء حسنًا، تحولا إلى ولاء ثابت للسيد، إذ ليس هناك ما هو أقسى وأنجس من النظرات إلى معجزات المسيح، بالإحساس الوقتي القصير المنفعل! عندما أرسل جماعة من الأمريكيين إلى بنيامين فرانكلين، وكانوا قد أطلقوا اسمه على مدينتهم، وقالوا له ها نحن قد أطلقنا على المدينة اسمك، ونريد منك عطية لنصنع جرسًَا للكنيسة، أرسل إليهم شاكرًا تقديرهم، مع تبرعه، ولكنه طلب أن يصنعوا بها مكتبة، لأنه مع تقديره التام لجرس الكنيسة، إلا أنه قال: أريد أن تكون حياتي أكثر من مجرد رنين صوت!!
لست أعلم ماذا كان يفعل الأصم الأعقد بعد أن شفى، كلما سمع عن المسيح، وكلما أراد أن يتكلم عن هذا السيد!! ولعله من الأصلح ألا أسأل عن الرجل القديم، بل أسألك ماذا فعلت تجاه السيد يا من كنت مثل ذلك الأصم الأعقد، جتى جاءتك اللمسة الشافية العظيمة المباركة وتتكلم!!؟؟

الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

كتله من الحب تسير على الارض


يوحنا الرسول

نشأته
شقيق يعقوب بن زبدي المعروف بيعقوب الكبير. كان أبوه يحترف مهنة الصيد، ويبدو أنه كان في سعةٍ من العيش، لأنه كان له أُجَراء (مر 1: 20)، وكانت أمه سالومي بين النساء اللاتي كُنَّ يخدمن الرب يسوع من أموالهن (مت 27: 55-56؛ مر 10: 40-41). ويغلب على الظن أن أسرة يوحنا كانت تقيم في بيت صيدا القريبة من بحر الجليل.
أحد التلاميذ الأخصاء
يبدو أنه قد تتلمذ بعض الوقت للقديس يوحنا المعمدان وكان يتردد عليه (يو 1: 35-41). دعاه السيد المسيح للتلمذة مع أخيه يعقوب فتبعه، وبناءً على رواية القديس جيروم فإن يوحنا في ذلك الوقت كان في الخامسة والعشرين من عمره.
 وهو التلميذ الذي كان يسوع يحبه (يو 19: 36)، اتكأ على صدره في العشاء الأخير. وهو التلميذ والرسول واللاهوتي والرائي، جمع في شخصه بين حب البتولية والعظمة الحقيقية، والبساطة القلبية مع المحبة الفائقة العجيبة.
كان يوحنا واحدًا من التلاميذ المقربين إلى الرب يسوع مع يعقوب أخيه وبطرس، الذين صحبوا السيد المسيح في معجزة إقامة ابنة يايروس من الموت (مر5: 37)، وفي حادث التجلي (مت 17: 1)، وفي جثسيماني ليلة آلامه (مت 26: 37)، وبَكَّر مع بطرس وذهب إلى قبر المخلص فجر أحد القيامة (يو 20: 2-5)، وكان حماسه وحبه ظاهرين، حتى أنه سبق بطرس ووصل أولاً إلى القبر. وهو الوحيد بين التلاميذ الذي استطاع أن يتعرف على الرب يسوع حينما أظهر ذاته على بحر طبرية عقب قيامته المجيدة، وقال لبطرس: "هو الرب" (يو 21: 7). ويذكر القديس أغسطينوس أن عفة يوحنا وبتوليته دون بقية التلاميذ كانت هي سرّ محبة المسيح له.
وكان هو، مع أندراوس، أول من تبعه في بشارته (يو 1: 40)، وآخِر من تركه عشية آلامه من بعد موته. انفرد من بين التلاميذ في سيْره بدون خوف وراء المُخَلِّص في الوقت العصيب الذي تركه الجميع وانفضوا من حوله.
وكان واسطة لإدخال بطرس حيث كان الرب يسوع يُحَاكَم، نظرًا لأنه كان معروفًا عند رئيس الكهنة (يو 15: 16-18). رافق الرب إلى الصليب، فسلَّمه أمه العذراء مريم، ومن تلك الساعة عاشت معه (يو 19: 25-28).
انفرد بين الإنجيليين بتسجيل حديث الرب يسوع الرائع عن الإفخارستيا (يو 6)، ولقائه مع السامرية (يو4)، وموقفه من المرأة الزانية التي أُمسِكَت في ذات الفعل (يو8)، وشفاء المولود أعمى (يو9)، وإقامة لعازر من الموت (يو11)، وصلاة الرب يسوع الوداعية (يو17). وكان يوحنا أحد الأربعة الذين سمعوا نبوة المُخلِّص عن خراب أورشليم والهيكل وانقضاء العالم (مر 13: 3)، وأحد الاثنين اللذين أعدا له الفصح الأخير.
خدمته الكرازية
كان للقديس يوحنا وضع بارز في الكنيسة الأولى. نقرأ عنه في الإصحاحات الأولى من سفر الأعمال، ونراه جنبًا إلى جنب مع بطرس أكبر الرسل سنًا. نراهما متلازمين في معجزة شفاء المقعد عند باب الهيكل (أع3)، وأمام محكمة اليهود العليا (السنهدرين) يشهدان للمسيح (أع4)، وفي السامرة يضعان أياديهما على أهلها ليقبلوا الروح القدس (أع8).
يبدو أن خدمته الكرازية في الفترة الأولى من تأسيس الكنيسة كانت في أورشليم والمناطق القريبة منها، فالتقاليد القديمة كلها تجمع على بقائه في أورشليم حتى نياحة العذراء مريم التي تسلمها من الرب كأمٍ له ليرعاها. ومهما يكن من أمر، فإن يوحنا الرسول، بعد نياحة العذراء مريم، انطلق إلى آسيا الصغرى ومدنها الشهيرة، وجعل إقامته في مدينة أفسس العظيمة مكملاً عمل بولس الرسول الكرازي في آسيا الصغرى (أع 18: 24-28، 19: 1-12).
أخذ يشرف من تلك العاصمة القديمة الشهيرة على بلاد آسيا الصغرى ومدنها المعروفة وقتذاك من أمثال ساردس وفيلادلفيا واللاذقية وأزمير وبرغامس وثياتيرا وغيرها، وهي البلاد التي وردت إشارات عنها في سفر الرؤيا.
نفيه إلى جزيرة بطمس
بسبب نشاطه الكرازي قُبِض عليه في حكم الإمبراطور دومتيان (81-96م) وأُرسل مقيدًا إلى روما، وهناك أُلقي في خلقين (مرجل) زيت مغلي، فلم يؤثر عليه بل خرج منه أكثر نضرة، مما أثار ثائرة الإمبراطور فأمر بنفيه إلى جزيرة بطمس، وهي إحدى جزر بحر إيجه وتقع إلى الجنوب الغربي من مدينة أفسس وتعرف الآن باسم باتوما Patoma أو بالموسا Palmosa، ومازال بالجزيرة بعض معالم أثرية عن سكنى القديس يوحنا بها. وقد مكث بالجزيرة حوالي سنة ونصف كتب أثناءها رؤياه حوالي سنة 95م. ثم أُفرِج عنه في زمن الإمبراطور نرفا (96-98م) الذي خلف دومتيان، فقد أصدر مجلس الشيوخ الروماني قرارًا بعودة جميع المنفيين إلى أوطانهم. وبالإفراج عنه عاد إلى أفسس ليمارس نشاطه التبشيري.

رسول الحب

من الألقاب اللاصقة بيوحنا لقب "الحبيب"، فقد ذكر نفسه أنه "التلميذ الذي يحبه يسوع"، وقد ظل يوحنا رسول المحبة في كرازته ووعظه ورسائله وإنجيله، وكتاباته كلها مفعمة بهذه الروح.
روى عنه القديس جيروم هذه القصة أنه لما شاخ ولم يعد قادرًا على الوعظ، كان يُحمَل إلى الكنيسة ويقف بين المؤمنين مرددًا العبارة: "يا أولادي حبوا بعضكم بعضًا"، فلما سأم البعض تكرار هذه العبارة وتساءلوا لماذا يعيد هذه الكلمات ويكررها، كان جوابه لأنها هي وحدها كافية لخلاصنا لو أتممناها.
حبه الشديد لخلاص الخطاة
قاد إلى الإيمان شابًا، وسلَّمه إلى أسقف المكان كوديعة وأوصاه به كثيرًا. لكن ذلك الشاب ما لبث أن عاد إلى حياته الأولى قبل إيمانه، بل تمادى في طريق الشر حتى صار رئيسًا لعصابة قطاع طرق.
عاد يوحنا بعد مدة إلى الأسقف وسأله عن الوديعة واستخبره عن ذلك الشاب. تنهد الأسقف وقال: "لقد مات!" ولما استفسر عن كيفية موته، روى له خبر ارتداده. حزن يوحنا حزنًا شديدًا واستحضر دابة ركبها رغم كبر سنه، وأخذ يجوب الجبل الذي قيل إن هذا الشاب كان يتخذه مسرحًا لسرقاته. أمسكه اللصوص وقادوه إلى زعيمهم الذي لم يكن سوى ذلك الشاب!
تعرَّف عليه الشاب وللحال فرَّ من أمامه، وأسرع يوحنا خلفه وهو يناشده الوقوف رحمة بشيخوخته، فوقف الشاب وجاء وسجد بين يديه، فأقامه ووعظه فتاب عن إثمه ورجع إلى الله.
حرصه على استقامة الإيمان
كان يمقت الهرطقة جدًا، ويظهر هذا الأمر واضحًا في كتاباته المليئة بالتحذير من الهراطقة. ذُكِر عنه أنه دخل يومًا حمامًا فلما وجد فيه كيرنثوس الهرطوقي الغنوسي الذي أنكر تجسد الرب، صاح في المؤمنين: "لا تدخلوا حيث عدو المسيح لئلا يهبط عليكم الحمام!" قال ذلك وخرج يعدو أمامهم فخرجوا وراءه مذعورين! وقد روى هذه القصة إيريناوس على أنه سمعها من بوليكاربوس تلميذ يوحنا الرسول نفسه.
يشير بولس الرسول إلى وضع يوحنا المتميز في الكنيسة الأولى، فيذكره على أنه أحد أعمدة الكنيسة وأنه من رسل الختان (غل2: 9).
يذكر بوليكاربوس Polycarp أسقف أفسس أواخر القرن الثاني أن يوحنا كان يضع على جبهته صفيحة من الذهب كالتي كان يحملها رئيس أحبار اليهود، ليدل بذلك على أن الكهنوت قد انتقل من الهيكل القديم إلى الكنيسة.
بعد أن دوَّن لنا هذا الرسول إنجيلاً ورؤيا وثلاث رسائل تحمل اسمه، رقد في الرب في شيخوخة وقورة حوالي سنة 100م، ودفن في مدينة أفسس.
باقات عطرة من سير الأبرار والقديسين، صفحة 60.

"لتمت نفسي موت الأبرار ولتكن آخرتي كآخرتهم" عدد 23: 10


بلعام بن بعور
"لتمت نفسي موت الأبرار ولتكن آخرتي كآخرتهم" عدد 23: 10
مقدمة
لست أعلم من أي غدير أو نبع استقى روبرت لويس استفنسون فكرته، وهو يكتب كتابه العظيم: "دكتور چيكل ومستر هايد" الرجل المزدوج الشخصية، فهو تارة چيكل الطيب، وأخرى هايد الشرير، وهو يملك دواء يغير شخصيته كلما رام التنقل بين الشخصيتين،.. ومفعول الدواء يستمر معه لحظات من الزمن، غير أنه تأتي الساعة التي يفقد فيها هذا الدواء فاعليته، ويتوقف الرجل -للأسف- عند هايد الشرير، دون أن يبلغ چيكل الطيب،.. هناك من يؤكد أن استفنسون استوحى فكرته من الأصحاح السابع من رسالة رومية من قول الرسول بولس: "فإننا نعلم أن الناموس روحي أما أنا فجسدي مبيع تحت الخطية لأني لست أعرف ما أنا أفعله إذ لست أفعل ما أريده بل ما أبغضه فإياه أفعل فإن كنت أفعل ما لست أريده فإني أصادق الناموس أنه حسن فالآن لست بعد أفعل ذلك أنا بل الخطية الساكنة في.. لأني لست أفعل الصالح الذي أريده بل الشر الذي لست أريده فإياه أفعل.. ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت!!.." ولعل روبرت لويس استفنسون لو بحث عن نموذج بشري يصلح لهذه الفكرة، لما وجد أفضل من بلعام بن بعور، الرجل الذي ارتقى إلى مصاف الملائكة، ثم هبط إلى القاع مع الشياطين!!.. وربما نستطيع أن نتابع الرجل وقصته الغريبة لو وقفنا منه من الجوانب التالية:
بلعام وامتيازه
لا شبهة في أن بلعام كان من أعظم الشخصيات المعروفة في عصرها،.. وكان يتسم بصفات متعددة واضحة إذ هو:
الرجل ذو العقل الجبار
كان من فتور ما بين النهرين، والبلدة كانت مشهورة بالحكمة، ومليئة بالحكماء، وكان بلعام بن بعور مقصد الكثيرين الذين يأتونه من كل البلاد، يبحثون عن الحلول لمشاكلهم، وما يواجهون من متاعب وصعاب،.. وقد حلت مشكلة أمام بالاق، وهو يفتش هنا وهناك عن ناصح وحكيم، يستطيع أن يعطيه حلاً لها، فلا يجد إلا الرجل القابع ما بين النهرين، اللامع التفكير الجبار الذهن، المقتدر الفهم، وهو لا يكاد يجد في الأرض كلها شبيهاً له، ونظيراً،.. وهو واحد من المجوس حكماء المشرق القدامى، والذي ظهر قبل أن يأتي المجوس إلى السيد بعد ذلك بخمسة عشر قرناً من الزمان.
على أن المعرفة الأكبر عند الرجل كانت معرفة الله، وقد كان من أعظم العارفين بالله، فالله ليس شخصاً غامضاً أمام عينيه أو صورة يحف بها الإبهام والظلام، كلا.. بل هو رجل غزير المعرفة بالله، عندما يتحدث عنه تعالى، لا يتحدث عن ألوهيم" إله الكون والخليقة، بل عن "يهوه" إله العهد -وقد حار الشراح والمؤلفون، من أين للرجل هذه المعرفة، المعرفة التي تصف الله في ثباته وجلاله وقوته وانتصاره؟!.. إن الجواب على ذلك يكمن في أنه كان واحداً من الذين أودعهم الله النور الذي ينير كل إنسان، وقد أتى إلى العلم، وعرفه الكثيرون من غير شعب الله، لأنه لا يترك نفسه بلا شاهد،.. فكان هناك ملكي صادق، وكان هناك أيوب، وكان هناك صوفر النعماني، وبلدد الشوحي، وأليفاز التيماني، وأليهو بن برخئيل البوزي، وغيرهم. 
الرجل ذو اللسان الساحر
لم يكن بلعام جبار العقل فحسب، بل كان ساحر اللسان أيضاً،.. من الناس من يكونون على أعظم قدرة ومعرفة ذهنية، لكنهم لا يملكون اللسان الزرب البارع المنطق،.. ولكن بلعام كان يملك ناصية الاثنين، إذ كان ذهبي اللسان رائع المنطق، سديد التعبير، وكان خطيباً مفوهاً، وصل ببيانه إلى أسمى الذرى، وكان ندا لأروع ما نطق به الأنبياء، وفي ألفاظه الرائعة، كان أقرب إلى شعر إشعياء، وبلاغة حبقوق!!.. كان أميراً من أمراء البيان، ولو اعتلى المنبر، لكان واحداً من خطباء العصور، وسيداً من سادة المتكلمين بين الوعاظ في كل زمان!!.. 
الرجل الممتليء الأشواق
لم يكن بلعام ذهناً يفكر، أو لساناً زربا يتكلم، بل كان هناك شيء أكثر عند الرجل وفيه، إذ كانت له أشواق ملتهبة قوية، تزداد عنفاً وقوة ولمعاناً في وقت الصفاء، وساعات التأمل والهدوء،.. وأمام المذابح التي أقامها، والذبائح التي قدمها، التهب الرجل التهاباً، وهو يرى المخلص الآتي من بعيد: "أراه ولكن ليس الآن أبصره، ولكن ليس قريباً يبرز كوكب من يعقوب، ويقوم قضيب من إسرائيل فيحطم طرفي موآب ويهلك كل بني الوغى".. وهو إذ يرى عالماً أفضل، ومجداً أروع وأعظم يهتف: "لتمت نفسي موت الأبرار ولتكن آخرتي كآخرتهم!!.. ومن المؤكد أن الشعب الذي رآه، والصور التي أثارها هذا الشعب أمام عينيه وفي خياله، هي التي رفعته إلى هذا المستوى الرفيع الممتلئ من الأشواق السماوية!!.. وكم من الناس دخلوا في وسط حفل مقدس، وأنصتوا إلى ترنم أعظم من كل أغاني الأرض، وأسمى من كل ما يعرف الإنسان،.. وسمعوا لغة إلهية أعلى من البيان البشري، فصاح كيانهم: "لتمت نفسي موت الأبرار ولتكن آخرتي كآخرتهم"!!.. 
الرجل الباحث عن مشورة الله
كان هناك شيء في الرجل يؤكد أن الحكمة البشرية -مهما بلغت أو عظمت، واللسان الزرب، مهما تكلم وأفصح، والشوق العميق مهما امتد والتهب- فإن الإنسان في حاجة إلى شيء أعظم من هذه كلها، وإلى جانبها، ألا وهو المشورة الإلهية التي لا يمكن أن يسير بدونها،.. وأبى بلعام أن يتخطى الطريق دون معرفة رأي الله وإرادته،.. ونحن نسأل هنا: هل أدرك الرجل أن ذكاء المرء محسوب عليه؟ وأن خطأ الحكمة البشرية بين وواضح في شتى المواقع الأرضية؟ وأن الإنسان مهما بلغ من الإدراك تائه في الظلام، لا يمكن أن يعرف ما يأتي به الغد، أو ما يتمخض عنه الزمن، أو ما تأتي به الأيام؟ وهو لا يتحرك إلا إذا أدرك ماذا يريد الله، وما هي مشيئته، وهو لذلك يطلب من رجال بالاق بن صفور أن ينظروا حتى يضيء له الله الظلمة الضاربة في الطريق؟!!. 
الرجل المستخدم من الله
وبلعام بن بعور عنده الرغبة قبل وبعد هذه كلها أن يكون: "الرجل المفتوح العينين.. الذي يسمع أقوال الله ويعرف معرفة القدير، الذي يرى رؤيا القدير ساقطاً وهو مكشوف العينيين" وهو يصمم وقد جاء من بين النهرين- على شيء واحد "ألعلي الآن أستطيع أن أتكلم بشيء من الكلام الذي يضعه الله في فمي به أتكلم"..
ومن العجيب أن هذا الرجل فتحت عيناه حقاً، ومد بصره إلى ما وراء القرون والأجيال البعيدة، وتكلم بأروع النبوات وأعظم الرؤى، وارتفعت نبواته إلى مصاف أعلى النبوات وهي تتحدث عن المسيح سيدنا مخلص العالم!!.. 
بلعام وسقوطه
ولكن كيف يمكن لهذا الرجل العظيم أن يسقط من الجبل الشاهق الذي وصل إليه، وكيف يمكن أن يكون سقوطه عظيماً على الصورة التي جعلته عبرة لكل الأجيال والتاريخ!!.. وما هي عوامل سقوطه الشنيع هذا؟!!. 
أسقطته الكبرياء
ولعل هذه أول تجربة واجهها الرجل إذ أن القارئ المدقق في كلمة الله يعلم أن بلعام رفض أن يذهب إلى بالاق من المرة الأولى، وأن بالاق داهن الرجل وتملقه، بأن أرسل إليه وفدا أعظم وأعلى من الوفد الأول، حتى يحس تقديره الكبير له، وسقط الرجل في الفخ المنصوب، وذهب مع الوفد الثاني،.. ولعل هذه تجربة العظماء والموهوبين في كل جيل وعصر، إذ يجربهم الشيطان بالتعالي والكبرياء والغرور، وعندما يتملقهم الناس تنزلق الطريق أمامهم، وما أسرع ما يسقطون!!.. ألم تكن هذه تجربة الشيطان نفسه، الذي وضعه الله في المكان العظيم المحدد له، ولكنه ترك رياسته، محاولاً أن يأخذ مكاناً أعظم وأعلى، وحبسه الله في القيود الأبدية تحت الظلام؟.. أليس هذه تجربة الجبابرة والملوك الذين قهروا الممالك ودوخوا الشعب، ولكن مأساتهم العظيمة، أنهم سقطوا من عل، لأنهم كانوا يتصورون أنهم من طينة غير طينة الناس، إلى الدرجة التي جعلت الإسكندر عندما انهمر الدم من جرح حدث له، أن يتعجب كيف يسقط دمه مثلما يسقط دم الآخرين من الناس، وكانت عقيدته أنه ابن الآلهة كما صوروا له أو خدعوه؟.
أليست هذه تجربة نبوخذنصر الذي قال: "أليست هذه بابل العظيمة التي بنيتها لبيت الملك بقوة اقتداري ولجلال ملكي.. والكلمة بعد بفم الملك وقع صوت من السماء قائلاً: لك يقولون يا نبوخذنصر الملك إن الملك زال عنك.. "في تلك الساعة تم الأمر على نبوخذنصر فطرد من بين الناس وأكل العشب كالثيران وابتل جسمه بندي السماء، حتى طال شعره مثل النسور وأظفاره مثل الطيور، وعند انتهاء الأيام أنا نبوخذنصر رفعتُ عينيَّ إلى السماء فرجع إلىَّ عقلي وباركت العلي وسبحت وحمدت الحي إلى الأبد الذي سلطانه سلطان أبدي وملكوته إلي دور فدور، وحسبت جميع سكان الأرض كلا شيء وهو يفعل كما يشاء في جند السماء وسكان الأرض، ولا يوجد من يمنع يده أو يقول له ماذا تفعل؟؟"، أليست هذه هي تجربة هيرودس الذي تملقه الصوريون والصيداويون، وهو لابس حلته الملوكية وعلى عرش الملك وهو يخطابهم، وإذا بهم يصرخون: هذا صوت إله لا صوت إنسان، ففي الحال ضربه ملاك الرب لأنه لم يعط المجد لله فصار يأكله الدود ومات؟؟.. أليست هذه تجربة الكثيرين من أشهر الوعاظ، ولعله يوحنا ويسلي الذي جاءه واحد بعد عظة رائعة، وقال له -وهو نازل من المنبر-: ما أعظم ما وعظتنا به في هذه العظة، وأجاب الرجل العظيم: لقد قالها واحد غيرك من قبلك الآن، وتعجب الرجل وقال: من؟ وكان الجواب: إنه الشيطان؟؟ ولئن كان ويسلي نجح في مكافحة الشيطان، فإن بلعام بن بعور لم ينجح وهو ينزل من فوق منبر بالاق بن صفور، ومع أنه من هناك ألقى عظاته التي تلقفتها الأجيال، لكنه كان الواعظ الذي بعدما كرز للآخرين صار هو بنفسه مرفوضاً!!.. هذه الحقيقة العظيمة تؤكد أن الله لا يعطي مجده أو كرامته لآخر، وتكشف عن السياسة الإلهية الثابتة: "إن الله يقاوم المستكبرين أما المتواضعون فيعطيهم نعمة".. كانت الكبرياء المسمار الأول في نعش بلعام بن بعور. 
أسقطه الطمع
كان يزعم أنه لا يتجاوز قول الرب ولو أعطاه بالاق ملء بيته فضة وذهباً، وعينه على كل درهم أو دانق يلقي به الملك إليه، كان محباً للمال بكل ما في الكلمة من معنى، كان واحداً من ذلك الموكب الرهيب الذي يتمشى في كل العصور: "الذين يريدون أن يكونوا أغنياء فيسقطون في تجربة وفخ وشهوات كثيرة غبية ومضرة تغرق الناس في العطب والهلاك لأن محبة المال أصل لكل الشرور، الذي إذ ابتغاه قوم ضلوا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم بأوجاع كثيرة وأما أنت يا إنسان الله فاهرب من هذا..".. ولم يهرب بلعام، بل -على العكس- سعى إلى الذهب، الذي ذهب به إلى الدمار، ومال إلى المال الذي مال به عن الطريق المستقيم، إلى طريق الأفك والضلال، أو كما وصفه الرسول بطرس مع محبي المال: "قد تركوا الطريق المستقيم فضلوا تابعين طريق بلعام بن بعور الذي أحب أجرة الإثم".. هل رأيت الطريق من فتور إلى موآب؟ كان طريقاً طويلاً متعباً لكن بلعام بن بعور الطريق المرصوف بالذهب، وأحب بلعام أجرة الإثم، وسال لعابه طوال الطرق، وعبارة رهيبة تدوي في أذنيه في كل خطوة منه: الفضة.. الذهب!!.. الفضة.. الذهب!!.. الفضة.. الذهب!!.. وويل لمن يقتحم المحرم من أجل الفضة أو الذهب،.. اقتحمه عخان بن كرمي من أجل الرداء الشنعاري النفيس، والمائتي شاقل من الفضة، واللسان من الذهب، ودفن المال عخان- بن كرمي ملفوفاً بردائه الشنعاري!!.. واقتحمه جيحزي غلام أليشع بعد أن رفض سيده أن يأخذ من يد نعمان السرياني ما أحضره هدية من أجل شفائه، وأخذ وزنتي فضة وحلتي ثياب، وعندما مثل أمام أليشع كان الجواب: "أهو وقت لأخذ الفضة ولأخذ ثياب وزيتون وكروم وغنم وبقر وعبيد وجوار فبرص نعمان يلصق بك وبنسلك إلى الأبد فخرج من أمامه أبرص كالثلج". واقتحمه يهوذا الاسخريوطي الذي ذهب إلى رؤساء الكهنة وقال: "ماذا تريدون أن تعطوني وأنا أسلمه إليكم، فجعلوا له ثلاثين من الفضة، ومن ذلك الوقت كان يطلب فرصة ليسلمه".. وارتكب أكبر جريمة في التاريخ مقابل ما يقرب من ثلاثة جنيهات!!..
كل واحد يباع بثمن إذا تجرد من نعمة الله، وكان أشبه بذلك الرجل الذي عرض عليه الأعداء أن يخون وطنه، وعرضوا ثمناً ورفض، ورفعوا الثمن، وظلوا يرفعونه إلى أن وصلوا إلى النقطة التي جعلته يصرخ: لقد اقتربتم من الثمن الذي يمكن أن تشتروني به،.. ولا أعلم إن كانوا قد نجحوا أم لا، لكني أعلم أن بلعام بن بعور أخذ الأجرة الآثمة التي أسقطته!!.
هل أدرك بلعام بن بعور ما قاله أحد الشعراء، وهو يرى الناس تباع بأثمان مختلفة ومتنوعة!!.. ليس بالفضة، وليس بالذهب، بل توجد آلاف الطرق التي بها يشتري الإنسان،.. فالصداقة الآثمة، أو الرغبة الشريرة، أو الاسم الفارغ كثيراً ما تكون الثمن الذي به يباع الناس ويشترون!!.. وقد اشترى بالاق بن صفور بلعام بثمنين رهيبين: "فعاد بالاق وأرسل أيضاً رؤساء أكثر وأعظم من أولئك.. فأتوا إلى بلعام وقالوا هكذا قال بالاق بن صفور لا تمتنع عن الإتيان إليَّ لأني أكرمك إكراماً عظيماً وكل ما تقول لي أفعله" "فقال بالاق لبلعام ألم أرسل إليك لأدعوك لماذا لم تأت إليَّ أحقاً لا أقدر أن أكرمك".. كان الثمن الأول ما يمكن أن نطلق عليه إكرام الشهرة والحفاوة والإجلال في الوفود المرسلة، والاستقبال الفخم العظيم،.. وفي حلوان العرافة المتزايدة في المقدم أو المؤخر من الرشوة الكبيرة!!..
كان بلعام بن بعور قائداً عظيماً من أقدم القادة، الذين جمعوا وراءهم كل خطيب، وواعظ، ورجل دين، استخدم منبره بحثاً عن الصيت الذائع، أو عن المادة المتكاثرة!!.. ولم يعلم هؤلاء جميعاً أن مصيرهم لابد أن يكون مصير الرجل التعس الذي ذهب على أبشع صورة وأقسى منظر!!..
بلعام وطريقه
لم يتبع بلعام نهجاً وسلوكاً خاصاً به، بل أصبح أكثر من ذلك مدرسة مشهورة من مدارس الضلال والكذب، ويكفي أن يصف الرسول بطرس أتباعه: "لهم عيون مملوءة فسقاً لا تكف عن الخطية خادعون النفوس غير الثابتة لهم قلب متدرب في الطمع أولاد اللعنة. قد تركوا الطريق المستقيم فضلوا تابعين طريق بلعام بن بعور الذي أحب أجرة الإثم"، أو ما قاله السيد لملاك كنيسة برغامس: "إن عندك هناك قوماً متمسكين بتعليم بلعام الذي كان يعلم بالاق أن يلقي معثرة أمام بني إسرائيل أن يأكلوا ما ذبح للأوثان ويزنوا".. ولعل المشاهد لطريق بلعام يلاحظ أنها:
طريق الخداع النفسي
وهذه هي الحقيقة الأولى، إن المخادع قبل أن يخدع الآخرين لابد أن يخدعه نفسه أولاً، وهذا ميسور ويستوي فيه الجميع لأن "القلب أخدع من كل شيء وهو نجيس من يعرفه".. وقد منع الله بلعام من الليلة التي ذهب فيها رؤساء موآب إليه، وكان المنع واضحاً وصريحاً، وعندما عاد بالاق وأرسل له رؤساء أعظم وأكثر، كان من واجبه ألا يكون عنده جواب إلا الجواب الأول، لأنه هو يعلم جيداً أن مشيئة الرب لا تتقلقل أو تتذبذب، وهو ليس في حاجة إلى أن يعود مرة أخرى إلى سؤال الله،.. وعاد بلعام يسأل الله مرة أخرى، وأدرك الله أن الرجل يريد أن يخادع نفسه، وهو يطلب أذناً من الله، ليفعل ما لا يريده الله أن يفعل، ولم يكن هنا يخدع الله، بل كان يخدع نفسه، لعل الله -قد مثل أمامه إكرام البشر وذهبهم وفضتهم- يعطيه رخصة للذهاب، وأسلم الله إلى ذهنه المرفوض وهكذا يفعل الله على الدوام لمن يريد أن يحجز الحق بالإثم، ويغطي المشورة الإلهية بالرغبة البشرية،.. مرات كثيرة ما يطلب الناس الله بذات الصورة التي طلبها بلعام بن بعور، لعل ضميرهم الثائر يستريح، أو يعطي تبريراً لما ينتوون من رغبات شريرة أو آثمة،.. ويجيبهم الله بذات الإجابة القديمة، وعندما تتنكب بهم الطريق يصرخون ويجأرون!! ألم نطلب الله.. ألم ننتظره فلماذا أصابنا هذا كله؟، وهم يعلمون أن الله غير مجرب بالشرور وهو لا يجرب أحداً..” ولكن كل واحد يجرب إذا انجذب وانخدع من شهوته ثم الشهوة إذا حبلت تلد خطية والخطية إذا كملت تنتج موتاً.. 
طريق الورطة
إن طريق الخداع النفسي على الدوام طريق موروط، وكان لابد لبلعام أن يفهم موقف الرب بكل وضوح، فالله لم يتغير أبداً في موقفه، إنما الذي تغير هو بلعام، ويبدو أنه كان في صراع مع نفسه، وفي تساؤل هل يتبع الطريق الصحيح أم لا، وهو يركب الأتان التي تميل به في الطريق يميناً ويساراً مع الذبذبة النفسية، التي كانت تموج بها نفسه،.. وجاء إلى خندق، وكان هو قد وصل إلى خندق نفسي عظيم، حيث لا مجال للنكوب هنا أو هناك، وربضت الأتان تحته، ولم تفعل ما فعلته قبل ذلك مرة ومرتين، إذ كانت تغير طريقها من موقف الملاك الواقف قبالتها!!.. وضربها بلعام، ونطقت الأتان، وتكلمت بلغة البشر،.. لقد وقف بلعام في الطريق بين الملاك والأتان، لأن حياته كانت بين الوثنيين، ومن المؤسف أن النفس البشرية تبدأ في الطريق بالملاك لتنتهي إلى الحمار، أو في الواقع لتصل إلى حماقة لا يصل إليها الحمار نفسه!!.. وأي ورطة أعظم من هذه الورطة؟ وأي قسوة أشنع منها وأبلغ؟.. أهكذا تقع النفس البشرية بين الملاك والحمار؟ بين أعلى حكمة وأدنى غباوة؟.. ولكنها حقيقة الإنسان في طريق الورطة بعيداً عن الله!!.. لأن "الثور يعرف قانيه والحمار يعرف صاحبه أما إسرائيل فلا يعرف وشعبي لا يفهم"!!.. على أن السؤال الأعمق والأبعد: لماذا يسمح الله بطريق الورطة التي لا يرغبها، والتي أعلن رفضها من الأول؟!!.. إن الله يسمح لا لأنه يريد ألا يقهر الحرية البشرية فحسب بل أكثر من ذلك لأنه يريد أن يخرج من الآكل أكلاً ومن الجافي حلاوة، ولأنه يريد أن ينتصر على القصد الشرير، ويصنع منه قصداً رائعاً جميلاً خيراً، وما كان من الممكن أن نسمع عن هذه النبوات الرائعة والعظيمة، أو نعرف إجادة الرب إلا كما يقول ميخا: "يا شعبي اذكر بماذا تآمر بالاق ملك موآب وبماذا أجابه بلعام بن بعور من شكيم إلى الجلجال" (مي 6:  5).. 
بلعام وخطورته
كان بلعام خطراً داهماً على نفسه، وعلى شعب الله أيضاً، وكانت خطورته:
خطورة الإسفاف
وأي إسفاف أبلغ من هذا الإسفاف الذي نزل به النسر المحلق في الأعالي بأعلى الرؤى وأقدس النبوات، إلى الجثث الميتة والجيف النتنة؟! خطورة الرائي الذي يرى رؤى القدير بعين مكشوفة.. إلى العراف الذي تحول إلى الخرافات والتنجيم؟.. خطورة الذي بدأ أعظم بداية لينتهي أسوأ نهاية؟!. إنه يذكرنا بالتعبير العظيم: لماذا سقطت يا زهرة بنت الصبح، ولماذا يهوى الجمال إلى حضيض الطين؟!! إنه شيء يروع النفس، ويدمي القلب، ويغمد النصل الحاد في القلب المحزون، عندما ينتهي تلميذ المسيح إلى قبلة الغدر، ويسمع للصيحة الأليمة الباكية: يا صحب لماذا جئت!!.. وهكذا كان إسفاف يهوذا الاسخريوطي، ومن قبله بلعام بن بعور الذي قتل نفسه قبل أن يقتل الآخرين!! 
خطورة الرأي الملتوي
وأي التواء أكثر مما وصفه به "فردريك وليم روبرتسن" عندما قال: "إنه الرجل الذي أراد أن يرضي نفسه دون أن يغضب الله"؟ وكان في ذلك واحداً من أبرع أئمة الدبلوماسيين والمرائين!!.. إنه ذلك النوع من الثعالب الفضية اللون، التي يروق لك منظرها، ولا تعلم في أي جحر تبيت، ولا من أي باب تخرج، إنه الإنسان الذي يلقى عبارته التي تحتمل الكثير من التفسير والإيماء والتساؤل، وهو من أدهى الدهاة الذين يمكن أن تفسر بمائة تفسير، قد يذمك في قالب مدح، وقد يمدحك في قالب ذم، وهو قد يحتفل بك برقصة الثعلب في وسط الدجاج، أو احتفال ياهو بمن أراد أن يذبحهم من أنبياء البعل،.. أو بالحفلة التي أجهز بها محمد علي على المماليك في مصر!!..
لقد وقعت أمامه مشكلة، الله يريده أن يبارك، وبالاق يريده أن يلعن، وهو يريد أن يرضي الله ويرضي بالاق أيضاً، ويبارك ويلعن في الوقت عينه، فماذا يفعل الداهية؟!!.. لقد بارك كما أراد الله،.. ومن خلال البركة فتح الطريق أمام بالاق للعنة –خذ مثلاً هذا التعبير- وهو صحيح مائة في المائة- وهو خطير أيضاً إلى أبلغ حد: لقد جاء في بركته: “ لم يبصر إثماً في يعقوب ولا رأى تعباً في إسرائيل الرب إلهه معه ”(عد23: 21).. وهذه بركة حقيقية ودائمة،.. ولكنها بمفهوم المخالفة (كما يقول رجال القانون).. إنك يا بالاق إذا أردت أن تقضي على هذا الشعب، فليس هناك إلا سبيل واحد،.. وهو أن تسقطه في الإثم، فتأتي به إلى خيانة الله، والبعد عنه.. وتلقف بالاق بن صفور الإشارة البارعة، وأخرج بنات موآب يرقصن ويلعبن أمام شعب الله، ويقتدنه إلى ما ذبح للأوثان، وللزنا،.. وغبط بلعام بهذه البراعة، فهو لم يقل شيئاً إلا الذي قاله الله له،.. وهو لم يخرج عن وصيته أو يتجاوز قوله،.. وفي الوقت عينه قال كل شيء يرضي بالاق بن صفور، ويعطيه أقرب طريق إلى قتل الشعب والقضاء عليه!!.. كان واعظاً بارعاً ألقى عظته باسم الله، وأخذ الثمن من الشيطان!!.. 
خطورة العدو الخبيث
هذا هو الرجل الذي كان بهذه المشورة القاتلة، أخطر أعداء شعب الله، والتاريخ ينظر إليه كواحد من أخبث القتلة وأشدهم ضراوة.
وهكذا عرفه الفكر اليهودي، إذ قال موسى في سفر التثنية وهو يتحدث عن الموآبيين: "ولأنهم استأجروا عليك بلعام بن بعور من فتور آرام النهرين لكي يلعنك ولكن لم يشأ الرب إلهك أن يسمع لبلعام فحول لأجلك الرب إلهك اللعنة إلى بركة لأن الرب إلهك قد أحبك" (تث 23: 4 5).
وقال يشوع: "وقام بالاق بن صفور ملك موآب وحارب إسرائيل وأرسل ودعا بلعام بن بعور لكي يلعنكم ولم أشأ أن أسمع لبلعام فبارككم بركة وأنقذتكم من يده"(يش 24: 9 10).. وكان المسيحيون في مطلع التاريخ المسيحي يرونه في كل تعليم خبيث يمزج الحق بالباطل، والسم بالدسم، كما جاء في سفر الرؤيا عن الذين يتمسكون: "بتعليم بلعام الذي كان يعلم بالاق أن يلقي معثرة أمام بني إسرائيل أن يأكلوا ما ذبح للأوثان ويزنوا"(رؤ2: 14).. وهو الرجل الذي حار فيه أوغسطينوس وچيروم، فالأول كان يعرفه الإنسان الذي يستخدم الدين طمعاً في الكسب، والثاني الذي كان يراه أشبه بسقطة النبي القديم في بيت إيل، الذي قتله الأسد بجوار حماره!!..
ورغم أن الرجل أعطى أعظم النبوات وأبرعها، لكن التاريخ الكنسي لم يذكره قط صديقاً للكنيسة، بل عدواً قاسياً خطراً، كما ذكر النبوة التي جاءت على لسان قيافا، وكانت من أعظم النبوات عن المسيح: "فقال لهم واحد منهم وهو قيافا، كان رئيساً للكهنة في تلك السنة أنتم لستم تعرفون شيئاً ولا تفكرون أنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها. ولم يقل هذا من نفسه بل إذ كان رئيساً للكهنة في تلك السنة تنبأ أن يسوع مزمع أن يموت عن الأمة وليس عن الأمة فقط بل ليجمع أبناء الله المتفرقين إلى واحد"(يو11/ 4951).. ومع ذلك فإن التاريخ لم ير في قيافا صديقاً للكنيسة، بل عدواً من أقسى أعدائها. 
بلعام ومصرعه
ومصرع بلعام عظة بالغة لمن يريد أن يتعظ ويتعلم، لقد جائته نهايته بأسرع مما كان يتصور أو يحلم، إذ لم يمت في بيته وأرضه، بل مات في أرض غريبة، أرض المديانيين، ولا يعلم أحد على وجه التحقيق لماذا كان هناك.. يظن البعض أن المديانيين دعوه كما دعاه بالاق ملك موآب، وأنه وقد استمرأ الدعوة الأولى وحلوانها، فقد ذهب إلى الثانية ليضاعف الحلوان ويكثر الثروة ولم يدر أن هناك نهايته ومصرعه، إذ قتله الإسرائيليون مع ملوك مديان،.. كانت الطريق الأولى ورطة أمامه، وبقيت له الحياة مع ورطة الطريق،.. لكنه عند تكرار الأمر لم يجد في الغالب ملاكاً يقف في طريقه، أو حماراً يزحم قدمه،.. لقد رأى الطريق رحب إلى الهلاك، والنهاية أسرع مما كان يظن،.. وإنها حكمة الله العجيبة، إذ أنه قبل أن يقضي على الحياة، يضيق الطريق ويزحم القدم، لعل الإنسان يثوب إلى رشده ويرجع، أيها الخاطئ، قد يزحم الله قدمك بالخسارة، أو الضيق، أو الشدة، أو المعاناة أو التعب من كل جانب، فإذا لم تنتبه، فقد يفسح أمامك، ويوسع الطريق، ولكن إلى الهاوية والهلاك وأنت لا تدري!!..
ومن المؤسف أن الرجل الذي وعظ بسحر البلاغة وروعة البيان، كان في حاجة إلى العظة القاسية من الحمار الأعجم الذي نطق بصوت إنسان،.. وهكذا كان الرجل الحكيم في عصره غبياً إلى الدرجة التي يحتاج فيها إلى عظة حمار: "إذ منع حماقة النبي حمار أعجم".. وإذا كانوا قد قالوا إن الإنسان قد يأخذ الحكمة من أفواه المجانين، فليس بعيداً عن الله، أن يعلم الحكيم الذي هوى بشره إلى الحماقة، على لسان حمار!!..
وفي الحقيقة أن بلعام بن بعور الذي لم تفده عظة الحمار، والذي بلغ من الحماقة ما لا يبلغه الحيوان نفسه، كان لابد أن يموت موت أحمق، ولقد مات أشنع ميتة وأقساها، إذ لم يعش ليستفيد من إكرام بالاق بن صفور الموآبي، أو من ملوك مديان أوى وراقم وصور وحور ورابع الخمسة الذين قتلوا فوق قتلاهم، وقتل معهم بلعام بن بعور (عد 31:  8)، وذهب الرجل إلى مصيره التعس دون أن يأخذ شيئاً من ذهب بالاق أو فضته معه،.. وهو يذكرنا بالحقيقة القاسية إن ثوب الكفن لا جيوب له، وأن الكرامة المزعومة ستذهب أدراج الرياح، وأنه ليس ذهب بالاق أو المديانيين أو الأرض، يمكن أن يساوي خسارة نفس عرفت الحق الإلهي يوماً ما وغنت به، ولكنها لم تلبث أن لفظته وخرجت عليه: "لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه أو ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه!!".
كان على بلعام أن يعلم أن الرجل الذي يتمنى: "لتمت نفسي موت الأبرار ولتكن آخرتي كآخرتهم.. لا يمكن أن يتحقق له ذلك ما لم يقل أيضاً: "لتحيا نفسي حياة الأبرار ولتكن آخرتي كآخرتهم". وإذ لم يحيي الرجل هذه الحياة، لم يحقق الأمنية التي طافت بذهنه في لحظة سمو واتضاع" وذهب الرجل ليحقق قولاً آخر:
ما كل ما يتمنى المرء يدركه    تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن!!