الجمعة، 3 يونيو 2011


- حقيقة عملية غابت عن كثيرين فاختل ميزان حياتهم: إذ يستحيل أن يعيش الإنسان حياة الصلاة و التأمل بصورة كاملة سويَّة وفيض روحي لائق ونافع دون استيفاء حق ميزان الحياة: حياة "العطاء و الأخذ"

- ولن يتكامل منهج الروح إلا إذا تعادل استيعاب الإدراك والرؤيا والفهم، مع التعليم والشرح للمجاوبة عن سبب الرجاء الذي حصلنا عليه.

- فالكلمة التي قالها الرب: "مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ" (أع35:20) توضح اهتمام الرب بصحة المنهج والميزان بين حياة الإخذ جملةً وتفصيلاً و بين حياة العطاء، ليس بما يقدمه الإنسان من ماله وحسب بل ومن كل ما يمكن أن يتحصل عليه الإنسان بقلبه وفكره و يده.

- والميزان الصحيح المعتمد لدى الرب هو أن يميل الإنسان أكثر ناحية البذل والعطاء؛ الله ينحاز صراحة للعطاء الأكثر من الواجب و الأكثر من المعقول "...هذه الأرملة الفقيرة قد ألقت أكثر من جميع الذين ألقوا في الخزانة، لأن الجميع من فَضْلَتهم ألقوا. وأما هذه فمن إعوازها ألقت كل ما عندها كل معيشتها" (مر12: 43 و 44)، المسيح هنا يضع قاعدة للحب و الوفاء لا يدركها إلا من تجاوز تفكيره الحلول الوسط و الإلتزام بالناموس وحدودة. "أن أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبعْ أملاكك ... وتعال أتبعني"(مت21:19)!! هنا يظهر ميزان الرب الحقيقي وتنكشف القاعدة التي يفكر بها المسيح و يتحرك. أَلاَ إنه سائر إلى الصليب؟؟؟ أَلاَ إنه يدعونا لنسير معه على نفس الدرب "إسهروا ... أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة!؟!"(مت26: 38 و 40)


 سر ثقل كفة العطاء:
ولكن هناك سر عجيب مخفي وراء جرأة تطبيب(ترجيح) كفة العطاء والبذل عن كفة الأخذ - هذا السر هو أن كفة العطاء منقوش عليها وملصوق في قعرها 1×100 نقشاً سرياً، والثقل الملتصق أسفلها تضعه كل مرة يد خفية لا يراها الذين يعايرون.

- هذه الحقيقة مثيرة للغاية لا تُكشف إلاَ للذي صمَّم على العطاء و بدأ ينفَّذ بالفعل. فنحن نضع حياتنا وما نملك على كفة العطاء. وإذ بالكفة تُسجل على المؤشر مائة ضعف ما وضعنا، تسجَّله لحسابنا في هذا الدهر، و يرفع الحساب ليحتسب رصيداً في ملكوت الحياة الأبدية.

- والذي نقدمه للمسيح هو بعينه الذي نقدمه لأحد هؤلاء الأصاغر!! فالكفة الأخرى، كفة العطاء، هي هي يد الرب مختفية في شكل طبق أو صندوق، أو حتى يدِ فقير أو أرملة، أو ربما فمِ جائع أو قلبِ حزين أو نفس متوجعة!!!

- نعم إذن، كلما طبت (رجحت) كفة العطاء بشدة، كلما دلَّ ذلك على صحة الميزان الذي يحكم حياتنا. فالعطاء غير المعقول هو العقل بعينه، و البذل "بجنون" هو منتهى الحكمة، فإذا بلغ العطاء حد تقديم الحياة نفسها حتى إلى سفك الدم، توقف الميزان وصار يؤشر إلى أنه الآن قد غُفرت جميع خطاياك ومُسحت جميع آثامك وذنوبك، وعوض ثقل الخطية حلت النعمة وازدادت جداً.

- حقاً أنه ميزان عجيب للغاية يشتهى الإنسان شهوة أن يضع فيه كل شيء بل كل حياته، وطوبى للذي استطاع أن يأخذ عن صحة بسهر الليالي، ودموع التوسل، ونهم الإغتذاء بكلمة الحياة: : "وُجد كلامك فأكلته، فكان كلامك لي للفرح ولبهجة قلبي" (إر16:15)، والإلتصاق بتجَّار الروح وحرَّيفي الإنجيل، ليكون دائماً على استعداد لمجاوبة كل من يسأل عن سبب الرجاء الذي فينا، و يكون له ما يعطي من كل نوع، و لا يخجل يوم تقديم حساب الوكالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق